للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- والأشاعرة قالوا: لا حسن ولا قبح ولا شر قبل مجيء الرسول، وإنما الحسن ما قييل فيه الفعل، والقبيح ما قيل فيه لا تفعل. ولم يجعلوا أحكام الشرع معللة، وهذا يوافق مذهبهم في التعليل.

- جمهور أهل السنة قالوا: الظلم والشرك والكذب والفواحش كل ذلك قبيح قبل مجيء الرسول، لكن العقوبة لا تستحق إلا بمجيء الرسول (١) .

وما فصله شيخ الإسلام هو الموافق لمذهب السلف، وهو الذي دلت عليه النصوص، أما الكلام في هذه المسألة كاصطلاح فإنما نشأ في المائة الثالثة من الهجرة (٢) .

والأشاعرة لأنهم يميلون إلى "الجبر" في القدر، قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعي فقد. ولذلك احتج الرازي صراحة عليه بالجبر، فإنه أثبت أن العبد مجبور على فعله القبيح، فلا يكون شيء من أفعال العباد قبيحا.

ويرى شيخ الإسلام أن هذه الحجة هي في الأصل حجة المشركين المكذبين بالرسول الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام: من الآية١٤٨) ، فإنهم نفوا قبح الشرك وتحريم ما لا يحرمه الله من الطيبات بإثبات القدر، لكن شيخ الإسلام يستدرك - انصافا لخصومه - فيقول: "لكن هؤلاء الذين يحتجون بالجبر على نفي الأحكام إذا أقروا بالشرع لم يكونوا مثل المشركين من كل وجه، ولهذا لم يكن المتكلمون المقرون بالشريعة كالمشركين وإن كان فيهم جزء من باطل المشركين.

لكن يوجد في المتكلمين من المتصوفة طوائف يغلب عليهم الجبر حتى يكفروا حينئذ بالأمر والنهي والوعد والوعيد والثواب والعقاب، إما قولا وإما حالاً وعملا ... " (٣) .


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٦٧٧-٦٨٦، ١١/٦٧٦-٦٧٧) .
(٢) انظر: التسعينية (ص:٣٤٧) .
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٦٧٧-٦٨٦، ١١/٦٧٦-٦٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>