للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر عليه ووجد مقدوره، فوجوده على الحقيقة بقدرة الله تعالى ولا يخرج مع ذلك المكتسب من كونه فاعلا وإن وجد الفعل بقدرة الله تعالى" (١) .

وكسب الأشعري هذا هو الذي قيل فيه: ثلاثة أشياء لا حقيقة لها ومنها كسب الأشعري (٢) ، وقد دار حوله نقاش طوي لوعريض، ولم ينته الأشاعرة فيه إلو قول مستقيم (٣) .

٢- قول أبي بكر الباقلاني: وهو كقول جمهور الأشاعرة إلا أنه خالفهم بأن الأفعال واقعة بمجموع القدرتين "على أن تتعلق قدرة الله بأصل الفعل وقدرة العبد بصفته، أعين بكونه طاعة ومعصية، إلى غير ذلك من الأوصاف التي لا توصف بها أفعال تعالى، كما في لطم اليتيم تأديبا أو إيذاء، فإن ذات اللطم واقعة بقدرة الله وتأثيره، وكونه طاعة على الأول، ومعصية على الثاني بقدرة العبد وتأثيره" (٤) ، يقول الباقلاني في رسالة الحرة: "ويجب أن يعلم أن العبد له كسب وليس مجبوراً، بل مكتسب لأفعاله من طاعة ومعصية لأنه تعالى قال: {لَهَا مَا كَسَبَت} (البقرة: من الآية١٣٤) يعني من ثواب طاعة {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت} (البقرة: من الآية٢٨٦) يعني من عقاب معصية ... ويدل على صحة هذا أيضاً: أن العاقل منا يفرق بين تحرك يده جبرا وسائر بدنه عند وقوع الحمى به، أو الارتعاش، وبين أن يحرك هو عضوا من أعضائه قاصدا إلى ذلك باختياره، فأفعال العباد هي كسب لهم وهي خلق الله تعالى، فما يتصف به الحق لا يتصف به الخلق، وما يتصف به الخلق لا يتصف به الحق، وكما لا يقال لله تعالى إنه مكتسب، كذلك لا يقال للعبد إنها خالق" (٥) .


(١) أصول الدين للبغدادي (ص:١٣٣-١٣٤) ، وانظر: نشأة الأشعرية وتطورها، دكتور: جلال محمد موسى (ص:٢٣٨) .
(٢) وطفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، انظر: مجموع الفتاى (٨/١٢٨*.
(٣) انظر: مثلا: النشر الطيب على شرح الطيب، ادريس بن أحمد الوزاني الفاسي، (١/٤٦١) ، ط الأولى ١٣٤٨هـ، وانظر: كتاب المسامرة، للكمال بن أبي شريف، بشرح المسايرة لابن الهمام (ص:١٠٧) ، ط الأولى، بولاق، ١٣١٧هـ، وانظر: حاشية الكلنبوي على شرح الدواني، مع حاشية المرجاني والخلخاني (١/٢٥١) ، ط ١٣١٧هـ.
(٤) شرح المواقف (ص:٢٣٩) - الجزء المحقق.
(٥) رسالة الحرة - المطبوعة باسم الإنصاف (ص:٤٣-٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>