للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- قول أبي حامد الغزالي، وهو أن أفعال العباد واقعة بمجموع القدرتين على فعل واحد، وجوز اجتماع المؤثرين على فعل واحد، يقول "وإنما الحق إثبات القدرتين على فعل واحد، والقول بمقدور منسوب إلى قادرين فلا يبقى إلا استبعاد توارد القدرتين على فعل واحد، وهذا إنما يبعد إذا كان تعلق القدرتين على وجه واحد، فإن اختلفت القدرتان واختلف وجه تعلقهما، فتوارد التعلقين على شيء واحد غير محال" (١) ، فالمؤثر عنده مجموع القدرتين، قدرة الله وقدرة العباد (٢) .

القول الخامس: قول أهل السنة والجماعة، وهؤلاء يقرون بالمراتب الأربع الثابتة والتي دلت عليها النصوص، وهي: العلم، والكتابة، والمشيئة والخلق، أما أفعال العباد فهي داخلة في المرتبة الرابعة، ولذلك فهم يقولون فهيا: إن الله خالق أفعال العباد كلها، والعباد فاعلون حقيقة، ولهم قدرة حقيقة على أعمالهم ولهم إرادة، ولكنها خاضعة لمشيئة الله الكونية فلا تخرج عنها.

منهج شيخ الإسلام في الرد على الأشاعرة في القدر:

أولاً: يوافق الأشاعرة أهل السنة في إثبات القدر، وأن الله خالق أفعال العباد.

ثانياً: أما قولهم بإثبات قدرة للعبد غير مؤثرة، وتسمية فعله كسبا، فشيخ الإسلام يرجع أصل قولهم هنا إلى قضية سبق شرحها في باب الصفات وهي قولهم: إن الفعل هو المفعول، والخلق هو المخلوق، وعدم تفريقهم بين ما يقوم بالله من الأفعال، وما هو منفصل عنه، وجعلهم كل أفعال الله مفعولة له منفصلة عنه.

فلما جاءوا إلى مسألة القدر وأفعال العباد واعتقدوا أنها مفعولة لله، قالوا: هي فعله، لأن الفعل عندهم هو المفعول، فيقيل لهم في ذلك: أهي فعل العبد؟ فاضطربوا في الإجابة، وانقسموا حيالها إلى أقوال ثلاثة:


(١) الاقتصاد (ص:٥٨-٥٩) ، ط دار الكتب العلمية.
(٢) انظر: الأربعين للرازي (ص:١٣) ، ط دار الآفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>