للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجازمة مع القدرة، وإذا أريد بالقدرة القوة بالإنسان فلا بد من إزالة الموانع كإزالة القيد والحبس ونحو ذلك، والصاد عن السبيل كالعدو وغيره" (١) .

وقد وضع شيخ الإسلام هذه القضية توضيحاص تاما فقال: "التأثير اسم مشترك، قد يراد بالتأثير الانفراد بالابتداع والتوحيد (٢) بالاختراع فإن أريد بتأثير قدرة العبد هذه القدرة فحاشاً الله، لم يقله سني، وإنما هو المعزو إلى أهل الضلال. وإن أريد التأثير في ذات الفعل، إذ لا فرق بين إضافة الانفراد بالتأثير إلى غير الله سبحانه في ذرة أو فيل، وهل هو إلا شرك دون شرك وإن كان قائل هذه المقالة ما نحا إلا نحو الحق.

وإن أريد بالتأثير أن خروج الفعل من العدم إلى الوجود كان يتوسط القدرة المحدثة، بمعنى أن القدرة المخلوقة هي سبب وواسطة في خلق الله سبحانه وتعالى الفعل بهذه القدرة، كما خلق النبات بالماء، وكما خلق الغيث بالسحاب، وكما خلق جميع المسببات والمخلوقات بوسائط وأسباب، فهذا التفسير إلى قدرة العبد شركا، وإلا فيكون إثبات جميعا لأسباب شركاً" (٣) .

وكلام ابن تيمية في هذين الموضوعين واضح تمام الوضوح، وفيه حل لاشكالات كثيرة، وما وجدت أحداً قبل شيخ الإسلام -رحمه الله- بين هذا البيان في هذه القضايا المهمة التي كثر فيها الكلام، واختلط فيها الحق بالباطل. فلقد كان شرحه وافياً، شافياًن دقيقاً. وما وجدت من كتب في القدر ككتابة ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله تعالى.

٣- ومن الأمور التي ينبغي الإشارة إليها: معنى الكسب عند أهل السنة، فكثيراً ما يذكر علماء السنة أن أفعال العباد كسب لهم، وقد يقع إيهام في ذلك


(١) مجموع الفتاوى (٨/٤٨٧-٤٨٨) .
(٢) هكذا في النص ولعلها: التوحيد.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٣٨٩-٣٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>