للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الثالث: فهو "أنهم جعلوا ما يوجد من التكلم بالكفر، من سب الله ورسوله والتثليث، وغير ذلك، قد يكون مجامعا لحقيقة الإيمان الذي في القلب، ويكون صاحبه ذلك مؤمنا عند الله حقيقة، سعيدا في الدنيا والآخرة، وهذا يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام".

وأما الرابع فهو: "أنهم جعلوا من لم يتكلم قط بالإيمان مع قدرته على ذلك، ولا أطاع الله طاعة ظاهرة، مع وجوب ذلك عليه وقدرته - يكون مؤمنا بالله، تام الإيمان، سعيداً في الدنيا والآخرة" (١) .

قال شيخ الإسلام بعد هذا: "وهذه الفضائح تختص بها الجهمية، دون المرجئة من الفقهاء وغيرهم" (٢) ، أي الذين يوجبون القول مع التصديق، أما الجهمية ومن وافقهم من الأشعرية فيحصرون الإيمان بالتصديق القلبي فقط الذي يفسرونه بالعلم أو المعرفة.

ثم ذكر أخطاءا أخرى تلزم الجهمية ومن افقهم، كما تلزم مرجئة الفقهاء ومنها:

الخامس: "أن العبد قد يكون مؤمنا تام الإيمان، إيمانه مثل إيمان الأنبياء والصديقين، ولو لم يعمل خيراً، لا صلاة، ولا صلة، ولا صدق حديث، ولم يدع كبيرة إلا ركبها ... وهو مع ذلك مؤمن تام الإيمان، إيمانه مثل إيمان الأنبياء" (٣) وهذا بين البطلان.

وقد اعترف الأشاعرة بما في أقوالهم من التناقض، فالتزموا أن كل من حكم الشرع بكفره فإنه ليس في قلبه شيء من معرفة الله ولا معرفة رسوله. وقد أنكر عليهم هذا جماهير العقلاء، وقالوا هذه مكابرة وسفسطة (٤) .


(١) الإيمان الأوسط - مجموع الفتاوى - (٧/٥٨٢-٥٨٣) .
(٢) المصدر السابق (٧/٥٨٣) .
(٣) المصدر نفسه، نفس الجزء والصفحة.
(٤) انظر: الإيمان (ص:١٤٠-١٤٣) ط المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>