للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متوقفا عليها مطلقا، فإن من الناس من إذا عرف ما يعرفه جمهور الناس وعمومهم أو ما يمكن غير الأذكياء معرفته، لم يكن عند نفسه قد امتاز عنهم بعلم، فيحب معرفة الأمور الخفية الدقيقة الكثيرة المقدمات، وهذا يسلك معه هذه الطريق)) (١) .

" وأيضا فإن النظر في العلوم الدقيقة يفتق الذهن ويدربه ويقويه على العلم، فيصير مثل كثرة الرمي بالنشاب وركوب الخيل، تعين على قوة الرمى والركوب وإن لم يكن ذلك وقت قتال، وهذا مقصد حسن، ولهذا كان كثير من علماء السنة يرغب في النظر في العلوم الصادقة الدقيقة، كالجبر والمقابلة، وعويص الفرائض، والوصايا، والدور (٢) ، لشحذ الذهن، فإنه علم صحيح في نفسه، ولهذا يسمى " الرياضى " فإن لفظ الرياضة يستعمل في ثلاثة أنواع: في رياضة الأبدان بالحركة والمشي،؟ يذكر ذلك الأطباء وغيرهم، وفي رياضة النفوس بالأخلاق الحسنة المعتدلة، والآداب المحمودة، وفي رياضة الأذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة، ويروى عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهـ أنه قال: " إذا لهوتم فالهوا بالرمى، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض " (٣) ، أراد: إذا لهوا بعمل أن يلهوا بعمل ينفعهم في دينهم وهو الرمي، وإذا لهوا بكلام، لهوا بكلام ينفعهم أيضا في عقلهم ودينهم وهو الفرائض " (٤) .


(١) الرد على المنطقيين (ص: ٢٥٣-٢٥٥) ، وانظر (ص: ٣٢٨) وما بعدها، وانظر درء التعارض (٥/٩٧، ١٠٥، ١٩٧) .
(٢) لابن تيمية كتاب في الدور، والدور أنواع: الدور الكوني: وهو نوعان: دور قبلي ودور معي، والنوع الثاني: الدور الحكمي الفقهى، والنوع الثالث: الدور الحسابي. انظر الرد على المنطقيين (ص: ٢٥٧) .
(٣) روى موقوفا، رواه الحاكم في المستدرك (٤/٣٣٣) ، والبيهقى في السنن الكبرى (٦/٢٠٩) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبى، لكن قال ابن حجر في تلخيص الحبير (٣/٨٥) ، " ورواته ثقات إلا أنه منقطع "، كا ضعفه الألبانيي في إرواء الغليل برقم (١٦٦٦) الارواء (٦/١٠٧) . وفيه أبو هلال الراسبى: محمد بن سليم، صدوق فيه لين، التقريب، وقال ابن عدى في الكامل (٦/ ٢٢٢٠) عامة أحاديثه عن قتادة غير محفوظة ". قلت: وهذا منها فقد رواه عن قتادة.
(٤) الرد على المنطقيين (ص: ٢٥٥-٢٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>