ولذلك يخصه شيخ الإسلام بجواب مركز فيقول- عن أهل الكتاب والسنة-
" وأما ما قد يقولونه من أن العقل لا مجال له في ذلك، أو ينهون عن الكلام، أو عن ما سمي معقولات ونظرا، ونحو ذلك، فهذا له وجوه صحيحة ثابتة بالكتاب والسنة، بل وبالعقل أيضا، وبعضهم قد لا يفرق بين ما يدخل في ذلك من حق وباطل، وبعضهم قد يقصر عن الحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة.... ولا ريب أن التقصير ظاهر على اكثر المنتسبين إلى الكتاب والسنة من جهة عدم معرفتهم بما دل عليه الكتاب والسنة ولوازم ذلك، فيقال: من الوجوه الصحيحة أن ما نطق به الكتاب وبينه، أو ثبت بالسنة الصحيحة، أو اتفق عليه السلف الصالح فليس لأحد أن يعارضه، معقولا ونظرا أو كلاما، وبرهانا، وقياسا عقليا أصلا، بل كل ما يعارض ذلك فقد علم أنه باطل علما كليا عاما، وأما تفصيل العلم ببطلان ذلك فلا يجب كل كل أحد، دل يعلمه بعض الناس دون بعض، وأهل السنة الذين هم أهلها يردون ما عارض النص والإجماع من هذه، وإن زخرفت بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى:{وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون}[الأنعام: ١١٢] ، فأعداء النبيين دائما يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا".
" وكذلك من الوجوه الصحيحة أن موارد النزاع لا تفصل بين المؤمنين إلا بالكتاب والسنة، وإن كان أحد المتنازعين يعرف ما يقوله بعقله، وذلك أن قوى العقول متفاوتة مختلفة، ومحميرا ما يشتبه المجهول بالمعقول، فلا يمكن أن يفصل بين المتنازعين قول شخص معين ولا معقوله، وإنما يفصل بينهم الكتاب المنزل من السماء، والرسول المبعوث المعصوم فيما بلغه عن الله تعالى، ولهذا يوجد من خرج عن الاعتصام بالكتاب والسنة من الطوائف فإنهم يفترقون ويختلفون {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك} [هود:١١٩} ، وأهل الرحمة هم أهل الايمان والقرآن".
ومن الوجوه الصحيحة أن معرفة الله بأسمائه وصفاته على وجه التفصيل لا تعلم إلا من جهة الرسول عليه الصلاة والسلام: إما بخبره، وإما بخبره وتنبيهه