وما ينبغي أن ينزه عنه من صفات النقص، فقد حرص شيخ الإسلام ابن تيمية من خلال مناقشاته أن يؤصل أصولاً ينطلق منها المسلم في بحث هذا الموضوع الخطير، لأن الخطأ والزلل فيه ليس كغيره من المسائل، وكان يركز في دروسه على مثل هذه الأصول حتى أن بعض تلاميذه طلبوا منه أن يكتب لهم هذه القواعد لشعورهم بأهميتها وحاجاتهم إليها، فكتب الرسالة التدمرية، التي تعتبر خلاصة متينة وقوية لما قرره ابن تيمية في كتبه المطولة الأخرى: ويمكن أن نلخص منهجه في هذا الباب بما يلي:
١- إن الأصل في باب الأسماء والصفات أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه أن يقتصر على ما جاء به الكتاب والسنة فهما المصدران الأساسان في هذا الأمر المتعلق بذات الله تعالى وما له من صفات الجلال والكمال، يقول شيخ الإسلام:" وأصل دين المسلمين أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه في كتبه وبما وصفه به رسله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكيف ولا تمثيل، بل يثبتون له تعالى ما أثبته لنفسه، وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، ويتبعون في ذلك أقوال رسله، ويجتنبون ما خالف أقوال الرسل كما قال تعالى:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الصافات:١٨٠] أي عما يصفه الكفار المخالفون للرسل {وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ}[الصافات:١٨١] لسلامة ما قالوه من النقص والعيب {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الصافات:١٨٢] ، فالرسل وصفوا الله بصفات الكمال، ونزهوه عن النقائص المناقضة للكمال، ونزهوه عن أن يكون له مثل في شيء من صفات الكمال، وأثبتوا له صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفوا عنه التمثيل"(١) .
والسلف - رحمهم الله تعالى - ساروا على هذا الأصل، فجاء مذهبهم في الأسماء والصفات مبنياً على إثبات ما أثبته الله ورسوله، ونفي ما نفاه الله ورسوله، ويركز شيخ الإسلام كثيراً على منهجهم هذا، ولذلك ذكر منهجه