للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدى وضلال، ورشد وغي، وجمع النقيضين، وصاروا مخالفين للكفار والمؤمنين كالذين يقاتلون الكفار والمؤمنين " (١) ، ويمثل حالهم بحال بعض ملوك النواحي والأطراف في عصره الذين استزلهم الشيطان فأصبحوا" يقاتلون العدو قتالا مشتملا على معصية الله من الغدر والمثلة والغلول والعدوان، حتى احتاجوا في مقاتلة ذلك العدو إلى العدوان على إخوانهم المؤمنين" (٢) ، ثم يطبق على مثال من التاريخ الكلامي (٣) .

ومن أسباب الانحراف عدم فهم كلام العلماء، وتفريع المسائل على مسألة معينة قد يكون العالم تكلم فيها بكلمة زل فيها، أو قصد الرد على طائفة معينة، فحملت على محامل أخرى لم يقصدها، ويذكر لذلك أمثلة عديدة (٤) .

٣- المعرفة التاريخية بنشوء الفرق، وتاريخها، والتسلسل التاريخي لظهور البدع، والمدن التي انتشرت فيها، وهذه المعرفة تفيد في بيان أول البدع ظهورا، وأثر البدع السابقة في ظهور البدع اللاحقة، كما أنها تعين على فهم الخلفيات التاريخية والعقدية لظهورها.

وكثيرا ما يقرن شيخ الإسلام بين الأحداث التاريخية والبدع التي صاحبتها، والشواهد على ذلك من كتابات شيخ الإسلام كثيرة، ففي إحدى رسائله يتحدث بشكل موسع عن ظهور البدع، وتاريخها، فيذكر أنه في آخر خلافة علي - رضي الله عنه - ظهرت بدعة الخوارج والرافضة لأنها متعلقة بالإمامة والخلافة، ثم حدثت فتنة أهل الحرة، وقصة ابن الزبير بمكة، وظهور المختار بن أبي عبيد بالعراق، وذلك في أواخر عهد الصحابة فحدثت بدعة القدرية والمرجئة، وتكلموا في مسائل القدر ومسائل الإيمان والوعد والوعيد، أما نفي الصفات فلم يحدث


(١) التسعينية (ص٣٢) .
(٢) المصدر السابق (ص٣٢) .
(٣) وهي قصة الجهم بن صفوان لما ناظر نفرا من "السمنية" الذين لا يؤمنون إلا بالمحسوس، وحين احتجوا على الجهم في إنكار وجود الله لأنه غير محسوس، أجابهم بأن الروح نقر بوجودها وإن كنا لا نراها، فأدى هذا بالجهم إلى نفي صفات الله، وأنه يمكن نفي جميع الصفات عنه مع الإقرار بوجوده. انظر التسعينية (ص٣٢-٣٨) .
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٤٢٢-٤٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>