للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض السلف ومنعه البعض لأنه لم يرد، ويذكر العلماء هذا الكلام في مبحث الصفات الفعلية الاختيارية لله تعالى مثل المجيء والنزول.

مثال آخر: ذكر الأشعري الأقوال في أن البارى متكلم، فذكر أقوال المعتزلة ثم قال: " وقالت شرذمة: إن الله لم يزل متكلما، بمعني أنه لم يزل مقتدرا على الكلام، وأن كلام الله محدث، وافترقوا فرقتين: فقال بعضهم مخلوق، وقال بعضهم غير مخلوق " ثم قال: " وقال ابن كلاب: إن الله لم يزل متكلما، والكلام من صفات النفس كالعلم والقدرة " (١) . ولا أدري من يقصد بهذه الشرذمة، خاصة وأن منهم من يقول: إن كلام الله غير مخلوق، وقد ذكر فيما بعد قول داود الأصبهاني فقال:"وبلغني عن بعض المتفقهة أنه كان يقول: إن الله لم يزل متكلما بمعني أنه لم يزل قادرا على الكلام، ويقول: إن كلام الله محدث غير مخلوق وهذا قول داود الأصبهاني (٢) ، وقول داود مبني على أن كلام الله من صفات الفعل، فهو أزلي، ويتكلم إذا شاء متى شاء، وعرض الأشعري للقضية يدل على ميل عنده عن هذا القول.

وقال الأشعري في معرض الإنكار على المعتزلة: " وأنكروا أن يكون الباري سبحانه لم يزل مريدا متكلما، راضيا، ساخطا، مواليا معاديا، جوادا، حكيما، عادلا محسنا، صادقا، خالقا، رازقا، وزعموا أن هذا أجمع من صفات الأفعال" (٣) ، فما معني الإنكار منه أن تكون أو بعضها صفات أفعال الله؟.

فهذه الأدلة تدل على مارجحه شيخ الاسلام ابن تيمية من أن الأشعري وإن كان في الإبانة قد قرب كثيرا من مذهب أهل السنة إلا أنه قد بقيت عليه بقايا من مذهب ابن كلاب، والله أعلم.


(١) المقالات (ص ٥١٧) - ريتر-
(٢) نفس المصدر (ص: ٥٨٣) .
(٣) نفس المصدر (ص: ٥٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>