للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع القدرة علم المكتسب وإرادته، وكما هو واضح لا علاقة لهما بالقدرة هل هي مؤثرة أو لا، يوضح ذلك قول الأشعري في اللمع:"فإن قال: فهل اكتسب الانسان الشيء على حقيقته كفرا باطلا وإيمانا حسنا؟ قيل له: هذا خطأ، وإنما معنى اكتسب الكفر أنه كفر بقوة محدثة وكذلك قولنا اكتسب الإيمان إنما معناه أنه آمن بقوة محدثة من غير أن يكون اكتسب الشي على حقيقته بل الذى فعله علي حقيقته هو رب العالمين" (١) .

- تكليف مالا يطاق:

صرح الأشعري بجواز تكليف مالا يطاق (٢) ، ويستدل لذلك بعدة أدلة منها قصة أبي لهب ونزول السورة فيه، يقول: " ويقال لهم قد قال الله تبارك وتعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله ومما كسب. سيصلى نارا ذات لهب} [المسد:١- ٣] وأمره مع ذلك بالإيمان، فأوجب عليه أن يعلم أنه لا يؤمن، وأن الله صادق في إخباره عنه أنه لا يؤمن، وأمره مع ذلك أن يؤمن ولا يجتمع الايمان والعلم بأنه لا يكون ولا يقدر القادر على أن يؤمن وانه يعلم أنه لا يؤمن، وإذا كان هذا هكذا فقد أمر الله سبحانه أبا لهب بما لا يقدر عليه لأنه أمره أن يؤمن وأنه يعلم أنه لا يؤمن" (٣) ، والأشعري يفرق بين عدم الاستطاعة للعجز عن الشيء وعدم الاستطاعة للاشتغال بضده، فيقول:"فإن قال قائل: أليس قد كلف الله تعالى الكافر الإيمان؟ قلنا له: نعم، قال: فيستطيع الإيمان، قيل له: لو استطاعه لآمن، فإن قال: فكلفه مالا يستطيع؟ قيل له: هذا كلام على أمرين: إن أردت بقولك: إنه لا يستطيع الإيمان لعجزه عنه فلا، وان أردت أنه لا يستطيعه لتركه والاشتغال بضده فنعم" (٤) ، وهذا تفصيل جيد يزيل الإشكالات الواردة حول تكليف مالا يطاق.


(١) اللمع (ص:٤٠) .
(٢) انظر: المصدر السايق (ص: ٦٨) .
(٣) الإبانة (ص: ١٩٥) - فوقية-.
(٤) اللمع (ص:٥٨-٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>