للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقه، يقول:" والدليل على أن كل مافعله فله فعله أنه المالك القاهر الذي ليس بمملوك ولا فوقه مبيح ولا آمر ولا زاجر ولا حاظر ولا من رسم له الرسوم وحد له الحدود، فإذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء إذ (١) كان الشيء انما يقبح منا لأنا تجاوزنا ماحد ورسم لنا، وأتينا مالم نملك إتيانه، فلما لم يكن الباري مملكا ولا تحت آمر لم يقبح منه شيء، فإن قال: فإنما يقبح الكذب لأنه قبحه؟ قيل له: أجل، ولو حسنه لكان حسنا ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض (٢) ، ومذهب الأشعري هذا يأتي في الطرف المقابل لمذهب المعتزلة الذين قالوا بالتحسين والتقبيح العقلي، والحق مذهب السلف وهو التفصيل.

و قوله في الإيمان:

صرح في الإبانة " أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" (٣) ، وفصل ذلك في الرسالة فقال:"وأجمعوا على أن الايمان يزيد يالطاعة وينقص بالمعصية، وليس نقصانه عندنا شكا فيما أمرنا بالتصديق به ولا جهلا به، لأن ذلك كفر، وإنما هو نقصان في مرتبة العلم وزيادة البيان، كما يختلف وزن طاعتنا وطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كنا مؤدين للواجب علينا" (٤) ، وقوله: إن الإيمان قول وعمل، ويزيد، وينقص هو قول أهل السنة والجماعة.

ولكنه في اللمع فسره بالتصديق بالله، واحتج بإجماع أهل اللغة على أن الإيمان هو التصديق، كما احتج بقوله تعالى: {وما أنت بمؤمن لنا} [يوسف:١٧] أي بمصدق لنا، ويقول الناس:" فلان يؤمن بعذاب القبر والشفاعة"، ويريدون: يصدق (٥) .

هذا ما هو موجود في كتبه، وقد نسب اليه متأخرو الأشعرية وغيرهم


(١) في طبعة مكارثي إذا، وذكر في الحاشية أن فى إحدى النسخ إذ وهى الصواب.
(٢) اللمع (ص: ٧١) .
(٣) الإبانة (ص: ٢٧) - فوقية-.
(٤) الرسالة إلى أهل الثغر (ص: ٩٣) .
(٥) انظر: اللمع (ص: ٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>