للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أهم مسألة تميز بها مذهب ابن كلاب، وقد تلقاها عنه تلاميذه كما تلقاها بعد ذلك الأشاعرة وصارت جزءا من مذهبهم، وقد كانت من أهم الأسباب في موقف علماء السلف من الكلابية ورميهم بالابتداع والأمر بهجرهم، كما كانت أيضا من أهم الأسباب في عدم قبول مذهب الأشعرية والطعن فيه من جانب علماء السلف.

ج- قوله في الكلام والقرآن:

بنى ابن كلاب قوله على الكلام والقرآن فى نفي الصفات الاختيارية لئلا يقال: إن الله تعالى تحل فيه الحوادث، لذلك قال بأزلية الكلام وأنه قائم بالله كالعلم والقدرة، وأنه ليس بحروف ولا أصوات ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتغاير، وأنه معنى واحد، وأن القرآن الذى يتلى هو حكاية عن كلام الله مع قوله: إن القرآن غير مخلوق، يقول الأشعري مفصلا مذهبه في ذلك: "قال عبد الله بن كلاب: إن الله سبحانه لم يزل متكلما، وأن كلام الله سبحانه صفة له قائمة به، وأنه قديم بكلامه، وأن كلامه قائم به، كما أن العلم قائم به، والقدرة قائمة به، وهو قديم بعلمه وقدرته، وأن الكلام ليس بحروف ولا صوت، ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتغاير، وأنه معني واحد بالله عز وجل، وأن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وأنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وأن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير، والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وانما سمى كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذى هو العبارة عنه (١) - وهو قراءتهـ عربي، فسمى عربيا لعلة، وكذلك سمى عبرانيا لعلة، وهي أن الرسم الذي هو


(١) المشهور أن ابن كلاب يقول عن القرآن: إنه حكاية عن كلام الله، وأن الأشعري منع من ذلك وقال: هو عبارة عن كلام الله، انظر: المجرد لابن فورك (ص: ٦٠) ، ومجموع الفتاوي (١٢/٢٧٢) ، والتسعينية (ص: ٨٧) ، ومختصر الصواعق (٢/٢٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>