للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظهور بدعة الخوارج ميزت أهل السنة من جانبين:

الأول: خروج الخوارج عن المذهب الحق بالتكفير لمن عداهم من المسلمين، ولا شك أن هذه بدعة شنيعة، وقد حرص المسلمون على الرد على أصحابها، وتحذير الناس أشد التحذير فهم. وصار من معا لم مذهب أهل السنة عدم التكفير لمرتكب الكبيرة.

والثاني: خروجهم على الجماعة وعلى الإمام الشرعي وقتالهم للمسلمين بناء على أصل مذهبهم التكفير، وقد قابل أهل السنة هذا بمقاتلتهم حتى يقضي عليهم أو يكفوا شرهم وبالتحذير منهم وإعلان وجوب اتباع النصوص التي حذرت من الخروج على أئمة المسلمين وإن جاروا وظلموا، ولذا كان أحد المعاني المهمة للجماعة أنها الجماعة الذين اجتمعوا على أمير.

٣- وبعد ظهور فتنة الروافض والخوارج أخذت بقية البدع تظهر بين المسلمين كبدعة القدر، والإرجاء، والتجهم، فقاومها أهل السنة وحذروا فها ومن أصحابها، حتى صار أهل البدع نشازا في المجتمع الإسلامي يأوي إليهم ويسمع أقوالهم إما أهل الزندقة والنفاق، ممن يكيدون لهذا الدين في الخفاء، وإما أصحاب الإيمان الضعيف ممن تؤثر فيهم وتستهويهم هذه البدع وما فيها من آراء وأفكار جديدة على المسلمين، أما السواد الأعظم من المسلمين فإنهم يتبعون علماء الآفاق من أهل السنة في كل مكان.

وحذر علماء أهل السنة من أصحاب الأهواء، حتى كان الحسن يقول: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم " (١) ، ولما جاءه رجل فقال: " يا أبا سعيد أني أريد أن أخاصمك "، فقال الحسن: " إليك عني


(١) = والخطيب في الكفاية (ص:٦٣ ١) هندية، وابن الجوزي في الموضوعات (١/٣٨-٣٩) ، وانظر مناقشة الموضوع بشكل موسع في كتاب: " الوضع في الحديث (١/٢٢٩-٢٣٨) ، حيث رجح الدكتور عمر فلاتة في رسالته هذه أن الخوارج ليس لهم دور في الوضع في الحديث.
(١) شرح السنة للالكائي، رقم (٢٤٠) ، ورواه الدارمى في السنن، رقم (٤٠٧) - ط اليماني - عن الحسن وابن سرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>