للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرشه كما أخبر، فقال له الرجل: إنما معنى استوى استولى فقال له ابن الأعرابي: ما يدريك ما هذا، العرب لا تقول استوى (١) على العرش حتى يكون فيه مضاد له، فأيهما غلب قيل: قد استولى عليه، والله سبحانه لا مضاد له، وهو مستو على عرشه كما أخبر، والاستيلاء يكون بعد المغالبة" ثم يقول: " فإن قيل فما تقول في قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (الملك:١٦) ، قيل له معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش، كما قال: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} (التوبة:٢) ، أي على الأرض ... " (٢) .

وكلامه في ذلك طويل حيث رد على الذين يقولون: إن الله في كل مكان، كما رد على من تأول رفع المسلمين أيديهم إلى السماء عند الدعاء بأن ذلك لأن أرزاقهم في السماء أو لأن الملائكة الحفظة في السماء، فقال: بأن ذلك لو جاز لجاز " أن تخفض أيدينا في الأرض نحو الأرض من أجل أن الله تعالى يحدث فيها النبات والأقوات والمعايش وأنها قرار، ومنها خلقوا وإليها يرجعون، ولأنه يحدث فيها آيات كالزلازل والرجف والخسف، ولأن الملائكة معهم في الأرض، الذين يكتبون أعمالهم، فإذا لم يجب خفض الأيدي نحو الأرض لما وصفنا لم تكن العلة في رفعها نحو السماء ما وصفه البلخي، وإنما أمرنا الله تعالى برفع أيدينا قاصدين إليه برفعهما نحو العرش الذي هو مستو عليه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:٥) (٣) .

هذا رأي الطبري في مسألة العلو والاستواء، وهذه النصوص تدل على استقرار هذه المسألة وفق مذهب السلف عند تلامذة الأشعري، وهذا ما سنجده أيضام عند الباقلاني - كما سيأتي -.

ج-- يتأول أبو الحسن الطبري النصوص الواردة في الضحك والعجب، والفرح، ففي صفة الضحك الواردة في الأحاديث يذكر المعاني المجازية للضحك


(١) في شرح السنة للالكائي رقم ٦٦٦ "استولى" ولعلها أصوب.
(٢) تأويل الأحاديث المشكلة (ل٢٥ - أ -ب) .
(٣) تأويل الأحاديث المشكلة (ل٢٧ - أ- ب) ، وقد نقل ابن تيمية أغلب النصوص الواردة في العلو والاستواء في نقض التأسيس المطبوع (٢/٣٣٥-٣٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>