للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانا شافيا فإنها تنظم (١) جميع ما يقوله الناس من المعافي الصحيحة، وفيها زيادات عظيمة لا توجد في كلام الناس، وهي محفوظة مما دخل في الكلام من الباطل كما قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] ، وقال تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤١،٤٢] ، وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:١] ، وقال: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [لقمان:٢] ، وفيه من دلائل الربوبية والنبوة والمعاد ما لا يوجد في كلام أحد من العباد، ففيه أصول الدين المفيدة لليقين، وهو أصول دين الله لا أصول دين محدث ورأي مبتدع" (٢) .

ج-) وجوب تقديم الشرع على العقل عند توهم التعارض، وإلا ففي الحقيقة والواقع لا يمكن أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل الصريح، ولقد كان تقديم ما في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما فى غيرهما من معقول أو غيره يعارضها من مسلمات منهج السلف رحمهم الله تعالى.

وليس هذا موضع تفصيل الأدلة لذلك، ولكن نشير إلى أن الأنبياء أعلم بالله وأسمائه وصفاته واليوم الآخر من غيرهم فيجب رد الأمر إليهم، وهذا كما أن العامة يردون ما يختلفون فيه مما يتعلق بالطب وغيره من أمور الدنيا إلى من هو أعلم به منهم، "وإذا كان الأمر كذلك فإذا علم الإنسان بالعقل أن هذا رسول الله، وعلم أنه أخبر بشيء، ووجد في عقله ما ينازعه في خبره، كان عقله يوجب عليه أن يسلم موارد النزاع إلى من هو أعلم به منه، وأن لا يقدم رأيه على قوله، ويعلم أن عقله قاصر بالنسبة إليه، وأنه أعلم بالله وأسماائه وصفاته واليوم الآخر منه، وأن التفاوت الذي بينهما في العلم بذلك أعظم من التفاوت


(١) في الأصل: "فإنها لا تنظم" ط دار الكتب العلمية، وكذا في مصورة دار الفكر، (ص: ٢٢١) ، ولعل الصواب حذف " لا".
(٢) النبوات (ص: ٣٣٤) ط دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>