للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعض أصحابه: هؤلاء قوم كفرة، فسقه، لأن الديلم كانوا روافض، لا يحل لنا أن نطأ بساطهم وليس غرض الملك من هذا إلا أن يقال: إن مجلسه مشتمل على أصحاب المحابر كلهم، ولو كان خالصاً لله لنهضت، قال القاضي [الباقلاني] : فقلت لهم: كذا قال ابن كلاب، والمحاسبي، ومن في عصرهم: إن المأمون فاسق، لا يحضر مجلسه، حتى ساق أحمد بن حنبل إلى طرسوس، وجرى عليه بعده ما عرف، ولو ناظروه لكفوه عن هذا الأمر، وتبين لهم ما هم عليه من الحجة، وأنت أيضاً أيها الشيخ تسلك سبيلهم حتى يجري على الفقهاء ما جرى على أحمد، ويقولون بخلق القرآن، ونفي الرؤية، وها أنا خارج إن لم تخرج، فقال الشيخ: إذا شرح الله صدرك لهذا فاخرج، فخرجت مع الرسول إلى شيراز (١) ، وكان من نتيجة ذلك تلك المناظرات مع المعتزلة في مجلس عضد الدولة، ولما انتصر عليهم قربه الملك وأمره أن يعلم ولده، فألف له التمهيد (٢) ، كما أن عضد الدولة أرؤسله إلى ملك الروم وجرت له مناظرات عديدة مع النصارى اشتهرت حكاياتها عند الناس.

فالباقلاني حين عزم على مناقشة المعتزلة (٣) ، ومناظراتهم كان ذلك بناء على منهج اختطه لنفسه، ورأى أنه وسيلة لازمة لمقاومة مخالفيه من أهل البدع، ولذلك نعى على شيوخه كابن كلاب والمحاسبي حين تركوا المأمون ومن معه من أهل الاعتزال يفرضون على الناس مقالتهم الاعتزالية، وحين يضرب الباقلاني المثل بهذين كان يقصد أن تمكنهما من علم الكلام يعطيهما قدرة على مناقشة المعتزلة أصحاب الكلام والجدل العقلي فهو يرى أن الواجب عليهما أكبر من غيرهما.

٤- كان للباقلاني دور واضح في تطوير المذهب الأشعري، ويكاد يجمع جميع الباحثين على أن له دوراً في ذلك، يقول ابن خلدون: " وكثر أتباع الشيخ


(١) ترتيب المدارك (٧/٥٢-٥٣) .
(٢) انظر: تبيين كذب المفتري (ص: ١١٨-١٢٠، ٢١٥-٢١٩) .
(٣) في الانتصار - المخطوط - (١/٤٩٥) ، يشن الباقلاني هجوماً على المعتزلة وأسالبيهم في نشر أقوالهم ومنها دعاواهم في وصف خصومهم بأنهم حشو وعامة ونابتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>