للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول ابن خلدون، وقبل ذلك ذكرا أن الباقلاني لم يكن " مجرد مواصل لحمل تراث الأشاعرة المتقدمية عليه، بل قد تم على يديه توضيح بعض النقط، وتحديد بعض المفهومات، مما أدى إلى تعديل مذهب الأشعري من بعض الوجوه وإلى تقريبه من رأي المعتزلة، وهذا ما لم يغفله بعض العلماء المتقدمين" (١) ، ثم ذكرا نماذج لتعليقات الغزالي والشهرستاني على مخالفة الباقلاني لشيخ الأشاعرة في مسائل: صفة البقاء، والحال، وتأثير القدرة الحادثة، وقد سبق ذكر ذلك عند شرح عقيدة الباقلاني وأقواله.

ويذكر أحمد صبحي أن الأشعري كان يعتمد على النقل كثيراً، لكن أتباعه عدلوا " ابتداء من الباقلاني عن الاستشهاد بدليل النقل إلا فيما ندر، مغلبين أدلى العقل.. وجاء الباقلاني ليختط منهجاً مغايراً لمنهج الأشعري دفاعاً عن المذهب، إذ وضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة كالحديث عن العلم وأقسامه، وعن الموجود قديمه وحديثه، وعن الجوهر والعرض والجسم" (٢) .

وهذا ما سار عليه الأشاعرة من بعده، وواضح أن الباقلاني يستشهد بالأدلة النقلية في كتبه ولكن مناقشاته العقلية تطغى عليه كثيراً، حتى وهو يعرض أن يستشهد بالنصوص.

ويرى بروكلمان أن الباقلاني أتى بآراء جديدة أخذها عن الفلسفة اليونانية (٣) ، أما مكارثي فيرى أنه يتصف ببعض الأصالة في مناقشته للبيان والمعجز، وأنه عمل كثيراً على نشر المذهب الأشعري (٤) ، كما يرى فتح الله خليف أنه أدخل بعض العديلات على مذهب الأشعري (٥) .

والمسألة التي اشتهر بها الباقلاني وهي أن بطلان الدليل يؤذن ببطلان المدلول


(١) مقدمة تحقيق التمهيد - ط القاهرة - (ص: ١٤) .
(٢) في علم الكلام - الأشاعرة - (ص: ٢٢٢-٢٢٣) .
(٣) دائرة المعارف الإسلامية، للمستشرقين (٦/١٠٥-١٠٦) ، ط الشعب.
(٤) المصدر السابق (٦/١٠٧) ، وهو من زيادات الطبعة الجديدة لدائرة المعارف الإسلامية.
(٥) انظر: معجم أعلام الفكر الإنساني (١/٨٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>