للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحياناً يستعين ببعض الروايات الشاذة أو الضعيفة، فمثلاً حين أوّلَ أحاديث النزول بعدة تأويلات قال: " وقد روى لنا بعض أهل النقل هذا الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يؤيد هذا الباب، وهو بضم الياء من " ينزل " وذكر أنه قد ضبطه عمن سمعه عنه من الثقات الضابطين" (١) ، والروايات المتواترة جاءت بما هو مشهور، فكيف تمسك بهذه الرواية الشاذة، والمجهول رواتها؟ وفي تأويله للإتيان في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} (البقرة:٢١٠) ، ذكر رواية عن مجاهد أنه قال: يأتيهم بوعده ووعيده (٢) . مع أن المأثور عن مجاهد عكس هذا.

٢- وابن فورك يؤول الاستواء والعلو، خلافاً للباقلاني الذي يثبتهما، وقد سبق نقل كلامه في ذلك، ولأهمية قول ابن فورك في هذه المسألة في تتبع تطور المذهب الأشعري نعرض لأقواله فيها، يقول عن الاستواء في معرض رده على ابن خزيمة في كتابه التوحيد: " ثم ذكر صاحب التصنيف بابا ترجمه باستوائه على العرش، وأوهم معنى التمكين والاستقرار، وذلك منه خطأ، لأن استواءه على العرش سبحانه ليس على معنى التمكين والاستقرار، بل هو في معنى العلو بالقهر والتدبير، وارتفاع الدرجة بالصفة على الوجه الذي يقتضي مباينة الخلق" (٣) ، وفي موضع آخر حين رد على أحمد بن إسحاق الصبغي - صاحب ابن خزيمة - أحال على تأويله للاستواء فيما سبق - والذي نقلناه قبل قليل -.

أما العلو: فله في تأويله أقوال كثيرة:

أ - يقول في حديث الجارية حين قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين الله؟ قالت في السماء، قال: أعتقها فإنها مؤمنة (٤) ، يقول ابن فورك: " إن ظاهر


(١) مشكل الحديث (ص: ١٠٠) .
(٢) المصدر نفسه (ص: ١٠٣) ، وقد بحثت عن هذه الرواية فلم أجدها في كتب التفسير ومنها تفسير مجاهد، والطبري، والسيوطي، وابن كثير، والقرطبي، وابن الجوزي، والخازن، والبغوي، والألوسي، والبسيط للواحدي (مخطوط) وتفسير الثعلبي (مخطوط) وغيرها.
(٣) مشكل الحديث (ص: ١٨٦) .
(٤) رواه مسلم - في آخر قصة - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ورقمه (٥٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>