للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل لم تدع إليه الرسل - كما سبق شرح ذلك - فالبغدادي لما عرض هذا الدليل عرضه وكأنه دليل مسلم لا يجوز الاعتراض عليه، بل قال: " وكل قول لا يصح معه الاستدلال على حدوث الأجسام وعلى حدوث الجواهر فهو فاسد" (١) ، وهذا الجزم بالقول بصحة هذا الدليل هو ما نجده إحدى مسلمات مذهب الأشاعرة فيما بعد.

٣- تأييد القول بتجانس الأجسام كلها، وأن اختلافها في الصورة،- وهذا قد قال به بعض المعتزلة (٢) ، وبنوا عليه نفي صفات الله حين قالوا: إثبات الصفات تجسيم والأجسام متماثلة.

٤- أما مسألة الاستواء، فقد سبق بيان أن الباقلاني ومن قبله قالوا بإثباته بلا تأويل، وردوا على من أوّله بالاستيلاء، وأن ابن فورك مال فيه إلى التأويل، أما البغدادي فقد قال بالتأويل، مع أنه رد على المعتزلة الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء وقال: " زعمت المعتزلة أنه بمعنى استولى كقول الشاعر: قد استوى بشر على العراق، أي استولى، وهذا تأويل باطل؛ لأنه يوجب أنه لم يكن مستولياً عليه قبل استوائه عليه" (٣) ، ثم عرض أقوال أصحابه الأشاعرة فقال: " واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: إن آية الاستواء من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وهذا قول مالك بن أنس وفقهاء المدينة والأصمعي ... ومنهم من قال: إن استواءه على العرش فعل أحدثه في العرش ثم سماه استواء، كما أحدث في بنيان قوم سماه إتياناً، ولم يكن ذلك نزولاً ولا حركة، وهذا قول أبي الحسن الأشعري ... ومنهم من قال: إن استواءه على العرش كونه فوق العرش بلا مماسة، وهذا قول القلانسي وعبد الله بن سعيد، ذكره في كتاب الصفات" (٤) ، وبعد عرضه لهذه الأقوال يرجح فيقول: " والصحيح عندنا


(١) أصول الدين (ص: ٥٨) .
(٢) انظر: أصول الدين (ص: ٥٤) ، والفرق بين الفرق (ص: ٣٢٨) .
(٣) أصول الدين (ص: ١١٢) .
(٤) أصول الدين (ص: ١١٢-١١-) .

<<  <  ج: ص:  >  >>