للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول بالإثبات والمنع من التأويل، أما البغدادي فإنه قال: " المسألة الثالثة عشرة من هذا الأصل في تأويل الوجه والعين من صفاته "، ثم ذكر قول المشبه ثم قال: " وزعم بعض الصفاتية أن الوجه والعين المضافين إلى الله تعالى صفات له، والصحيح عندنا أن وجهه ذاته، وعينه رؤيته للأشياء، وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} (الرحمن:٢٧) ، معناه ويبقى ربك، ولذلك قال:) {ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} ، بالرفع لأنه نعت الوجه، ولو أراد الإضافة لقال ذي الجلال والإكرام، بالخفض ... " (١) ، ثم ذكر المسألة الرابعة عشرة في تأويل اليد المضافة إلى الله تعالى، وبعد أن أبطل مذهب المشبهة قال: " وزعم بعض القدرية أن اليد المضافة إليه بمعنى القدرة، وهذا التأويل لا يصح على مذهبه مع قوله: إن الله تعالى قادر بنفسه بلا قدرة، وقد تأول بعض أصحابنا هذا التأويل، وذلك صحيح على المذهب، إذا أثبتنا لله القدرة، وبها خلق كل شيء، ولذلك قال في آدم عليه السلام {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (صّ:٧٥) ، ووجه تخصيصه آدم بذلك أن خلقه بقدرته لا على مثال له سبق، ولا من نطفة، ولا نقل من الأصلاب إلى الأرحام، كما نقل ذريته من الأصلاب إلى الأرحام، وزعم بعض أصحابنا أن يديه صفتان، وزعم القلانسي أنهما صفة واحدة " (٢) ،

وكلامه هذا يدل على تأويل صريح لهذه الصفات، وقد بنى تأويله هذا على أن الله واحد فقال بعد ذكر بعض الصفات الخبرية ناسياً إثباتها إلى المشبهة: " ودليلينا على أن الله واحد في ذاته، ليس بذي أجزاء وأبعاض أنه قد صح أنه حي، قادر، عالم، مريد فلو كان ذا أجزاء وأبعاض لم يخل أن يكون في كل جزء منه حياة وقدرة وعلم وإرادة، أو تكون هذه الصفات في بعض أجزائه ... " (٣) ، ثم قال: " وأما قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: ٢٧] ، فمعناه ويبقى ربك ... [ثم ذكر التعليل


(١) أصول الدين (ص: ١٠٩-١١٠) .
(٢) المصدر السابق (ص: ١١١) ، ويلاحظ أنم الطابعين للكتاب خلطوا بين نسختين منه، مع تمييز إحداهما عن الأخرى، وقد نقلنا إحداهما ليستقيم الكلام..
(٣) المصدر نفسه (ص: ٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>