للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قصد البيهقي بقوله السابق: " لما في الأحاديث المخرجة فيه من العون على ما كان فيه من نصرة السنة وقمع البدعة"، هل يقصد بدعة التعطيل، أو بدعة الإثبات ورفض التأويل التي يسمونها تجسيماً أو تشبيهاً؟! الذي يترجح من خلال معرفة حال شيخ الجميع ابن فورك، وتلميذه - أبي منصور الأيوبي - وحال البيهقي في تأويلاته في كتابه هذا أنه قصد قمع بدعة الإثبات التي يزعمون أن فيها تشبيهاً، والله أعلم.

والخلاصة أن البيهقي بهذا المنهج الذي سلكه تحولت معرفته في الحديث وإمامته فيه إلى خدمة أهل التأويل لا إلى خدمة مذهب أهل الحديث والسنة، وهذا من باب العقائد دون الأحكام.

٢- نقد البيهقي بعض الروايات والأحاديث نقداً لا يتفق مع منهج المحدثين في قبول الروايات أوردها ومن ذلك ما ذكره البيهقي من أن "الصوت" لم يرد في صفة كلام الله عزوجل ففد قال بعد ذكر رواية البخاري: " ثم يناديهم بصوت.." (١) : " هذا حديث تفرد به القاسم بن عبد الواحد عن ابن عقيل.. [ثم ذكر أن القاسم وابن عقيل لم يحتج بهما الشيخان، وأن ابن عقيل أيضاً متهم بسوء الحفظ ثم قال:] ولم يثبت صفة الصوت في كلام الله عزوجل أو في حديث صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير حديثه، وليس بنا ضرورة إلى إثباته، وقد يجوز أن يكون الصوت فيه إن كان ثابتاً راجعاً إلى غيره.." (٢) ،

ثم شرع في ذكر الروايات الدالة على الصوت وتضعيفها، وهذا من مثل البيهقي المحدث كبير لا يحتمل، لأن فيه محاولة لتضعيف الأحاديث الثابتة لأجل أن تسلم


(١) رواه البخاري - تعليقاً - كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ} (سبأ:٢٣) ، ووصله ابن حجر في التغليق (٥/٣٥٥) ، ورواه البخاري موصولاً في الأدب المفرد ورقمه (٩٧٠) ، فضل الله الصمد (٢/٤٣٣) ، وفي خلق أفعال العباد ورقمه (٤٦٣) - ت البدر - كما رواه الإمام أحمد في مسنده (٣/٣٩٥) ، والطبراني في مسند الشاميين كما في التغليق (٥/٣٥٦) ، والحاكم في المستدرك (٢/٤٣٧-٤٣٨، ٤/٥٧٤-٥٧٥) ، وصحيحه ووافقه الذهبي، كما رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١/١١١) ، والخطيب في الرحلة في طلب الحديث (ص: ١٠٩) ، ورقم (٣١، ٣٢، ٣٣) ، وفي الجامع لأخلاق الراوي (٢/٢٢٥) ، ورقم (١٦٨٦) - ت الطحان-.
(٢) الأسماء والصفات (ص: ٢٧٣-٢٧٤) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>