للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعرج في أوطان التقليد إلى أن يصل إلى التحقيق فليقلد سلفه وليجر على طريقة هذه الطبقة فإنهم أولى به من غيرهم" (١) ، فهو يرى أن من أراد دخول طريقة التصوف كوشف مع شيوخه، ومن لم يرد دخول طريقة التصوف فعليه بتقليدهم في القعائد لأنهم أولى من غيرهم.

ودعوى القشير أن هذه عقائد شيوخ الصوفية ليست مسلمة، وليس هذا موضع مناقشة ذلك، ولكن الذي حدث هو تبني أعلام الأشاعرة للتصوف وتمثل ذلك بشكل واضح في الغزالي ومن جاء بعده.

على أنه يجب أن لا يغيب عن البال هنا أن هناك من الأشاعرة من سبق القشيري إلى نوع ممن الارتباط بالتصوف، فالمحاسبي الكلابي تصوفه مشهور، وكذلك كان من أخص تلاميذ أبي الحسن الأشعري بندار خادمه، وعبد الله ابن خفيف وكانا من المتصوفه المشهورين، وعبد القاهر البغدادي ذكر أنه: " قد اشتمل كتاب تاريخ الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي على زهاء ألف شيخ من الصوفية ما فيهم واحد من أهل الأهواء، بل كلهم من أهل السنة سوى ثلاثة" (٢) ، والبغدادي يقصد بأهل السنة الأشاعرة، ولكن الذي تميز به القشيري أنه ذكر قواعد التصوف وأصوله، وأحوال المريدين، وآداب الصوفية، ودعا إلى سلوك طريقتهم، وفي أثناء ذلك نسب إليهم العقائد الأشعرية، وأنهم يخالفون المعتزلة والمشبهة.

وقد يظن البعض أن تصوف القشيري كان تصوفاً سنياً، بعيداً عن شطحات وبدع الصوفية، ولكن المتمعن في كتبه يجد غير ذلك، وقد كتبت دراسات عن القشيري وتصوفه (٣) ، ويمكن الإشارة باختصار إلى القضايا التالية في تصوفه:


(١) الرسالة (٢/٧٣٤) .
(٢) أصول الدين (ص: ٣١٥) .
(٣) منها: الإمام القشيري: سيرته، آثاره، مذهبه في التصوف، لإبراهيم بسيوني، ومقدمة تحقيق نحو القلوب لأحمد الجندي - وله ميل إلى التصوف -.

<<  <  ج: ص:  >  >>