للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الكتاب أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء، وزاغت الآراء وكانوا - رضي الله عنهم- ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات، والإمعان في ملابسة المعضلات، والاعتناء بجمع الشبهات، وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات، ويرون صرف العناية إلى الاستحثاث على البر والتقوى، وكف الأذى، والقيام بالطاعة حسب الاستطاعة، وما كانوا ينكفون - رضي الله عنهم - عما تعرض له المتأخرون عن عي وحصر، وتبلد في القرائح، هيهات، قد كانوا أذكى الخلائق أذهاناً، وأرجحهم بياناً ... " (١) .

٥- حيرته في مسألة العلو - وقصته مع الهمذاني مشهورة (٢) - وقد صرح بالحيرة في هذه المسألة في النظامية بعد كلام طويل (٣) .

٦- رجوعه عن علم الكلام، وهو من الأمور المشهورة التي لا ينازع فيها إلا من يحمل في قلبه تعصباً أعمى للأشاعرة وعلومهم الكلامية، ومن أقواله في رجوعه:

أ - ما رواه الفقيه غانم الموشيلي: سمعت الإمام أبا المعالى يقول: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام " (٤) .

ب - ما حكاه أبو الفتح الطبري الفقيه قال: دخلت على أبي المعالي في مرضه، فقال: اشهدوا عليَّ أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة، وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور " (٥) .


(١) الغياثي: غياث الأمم في التياث الظلم (ص: ١٩٠-١٩١) ، وفي هذا الكتاب (ص: ١٩٣-١٩٤) ، هاجم المأمون بسبب تساهله مع المعطلة، وترجمته لكتب الأوائل، وحملة المسؤولية أمام الله.
(٢) انظرها: في العلو الذهبي (ص: ١٨٨) ، وقال الألباني في مختصر العلو (ص: ٢٧٧) " إسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ " وانظر: سير أعلام النبلاء (١٨/٤٧٤، ١٧٥، ٤٧٧) وطبقات السبكي (٥/١٩٠) ، وحاول ردها بما لا طائل من ورائه.
(٣) انظر: النظامية (ص: ٢٣) .
(٤) سير أعلام النبلاء (١٨/٤٦٣) .
(٥) المصدر السابق (١٨/٤٧٤) ، وطبقات السبكي (٥/١٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>