للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخاصته وأومأ إليه في كثير من كتبه؟ يقول الغزالي في كتابه ميزان العمل الذي ألفه بعد معيار العلم، لأن السعادة عنده إنما تكون بالعلم والعمل (١) - ميزان العمل من كتب الغزالي الصوفية - يقول في آخره: " لعلك تقول: كلامك في هذا الكتاب انقسم إلى ما يطابق مذهب الصوفية، وإلى ما يطابق مذهب الأشعرية وبعض المتكلمين، ولا يفهم الكلام إلا على مذهب واحد، فما الحق من هذه المذاهب؟ فإن كان الكل حقاً فكيف يتصور هذا؟ وإن كان بعضه حقاً فما ذلك الحق؟ فيقال لك: إذا عرفت حقيقة المذهب لا تنفعك قط، إذ الناس فيه فريقان:

فريق يقول: المذهب اسم مشترك لثلاث مراتب:

أحدهما: ما يتعصب له في المباهاة والمناظرات.

والأخرى: ما يسار به في التعليمات والإرشادات.

والثالثة: ما يعتقده الإنسان في نفسه مما انكشف له من النظريات".

ثم شرح هذه المراتب بقوله: " ولكل كامل ثلاثة مذاهب بهذا الاعتبار: فأما المذهب بالاعتبار الأول: هو نمط الآباء والأجداد، ومذهب المعلم، ومذهب البلد الذي فيه النشوء، وذلك يختلف بالبلاد والأقطار، ويختلف بالمعلمين، فمن ولد في بلد المعتزلة أو الأشعرية أو الشفعوية أو الحنفية، انغرس في نفسه منذ صباه التعصب له، والذب دونه، والذم لما سواه ... المذهب الثاني: ما ينطبق في الإرشاد والتعليم على من جاء مستفيداً مسترشداً، وهذا لا يتعين على وجه واحد بل يختلف بحسب المسترشد، فيناظر كل مسترشد بما يحتمله فهمه.. المذهب الثالث: ما يعتقد الرجل سراً بينه وبين الله عزوجل لا يطلع عليه غير الله تعالى ولا يذكره إلا مع من هو شريكه في الإطلاع على ما اطلع، أو بلغ رتبة يقبل الاطلاع عليه ويفهمه " (٢) ، ثم ذكر قول الفريق الثاني الذين


(١) انظر: معيار العلم (ص: ٣٤٨) ، آخر الكتاب.
(٢) ميزان العمل (ص: ٤٠٥-٤٠٨) ، - ت سليمان دنيا -.

<<  <  ج: ص:  >  >>