للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل قول بعضهم: إن الصحابة كانوا يقرؤون القرآن ولكنهم يمرون النصوص المتعلقة بالصفات وغيرها دون فهم لها ولمعناها ... ، أو أن الصحابة لو واجهوا الشبهات التي واجهها من بعدهم لتأولوا كما تأولنا ... الخ.

وهذا- بلا شك- منهج خطير، لا يقف الانحراف فيه عند حد الصحابة، بل قد يلزم منه اتهام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الرسول المبلغ عن الله - بمثل هذه التهم التي توجه إلى الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين-.

والصحابة- في نظر أهل السنة، الذين هم أهل الحديث- كلهم عدول، ومن ثبتت صحبته ثبتت له العدالة بمجرد الصحبة، ولا شك أن هذه الأفضلية- أعني أفضلية الصحبة التى اختصوا بها، ولا يمكن أن ينال فضلها أحد ممن جاء بعدهم- تجعل لهم منزلة في فهم العقيدة وإدراكها، لا يمكن أن ينالها من جاء بعدهم. ولذلك كان السلف يفتخرون في أن دينهم أخذوه عن التابعين عن الصحابة، فشريك بن عبد الله (١) لما قيل له: إن قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث أى أحاديث النزول، حدث بنحو عشرة أحاديث في هذا، وقال: " أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم عمن أخذوا؟ " (٢) .

ولمكانة الصحابة عند السلف حرصوا على تدوين أقوالهم وآرائهم في مختلف المسائل، فقد روى صالح بن كيسان (٣) قال: " اجتمعت أنا والزهري (٤)


(١) هو: شريك بن عبد الله النخعى الكوفي، القاضي، أبو عبد الله، صدوق، بخطئ كثيرا، كان عارفا عابدا، شديدا على أهل البدع، ولد سنة (٩٠ هـ) وتوفى سنة ١٧٨ هـ. ميزان الاعتدال (٢/٢٧٠) ، سير أعلام النبلاء (٨/١٧٢) ، تهذيب التهذيب (٤/٣٣٣) ، التقريب (١/ ٣٥١) .
(٢) رواه الصاغاني- كما في: سر أعلام النبلاء (٨/١٥٨) ، والبيهقي فى الأسماء والصفات عن الصاغاني (ص: ٤٥١) .
(٣) هو: صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة، ثبت، فقيه، مات بعد سنة: ١٤٠ هـ. تهذيب تاريخ دمشق (٦/٣٨٠) ، وتذ كرة الحفاظ (١١/٤٨) ، وسير أعلام النبلاء (٥/٤٥٤) ، والتقريب (١/٣٦٢) ، وطبقات الحفاظ (ص: ٦٣) .
(٤) هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله، أبو بكر القرشي الزهري المدني، أحد الأعلام، =

<<  <  ج: ص:  >  >>