للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذه الوجوه إلا أن الاستقراء يدل على حصول النفع العظيم فيه، وإذا كان كذلك وجب الاشتغال بتحصيله والاعتناء بشأنه، فإن القليل منه كثير بالنسبة لمصالح البشر " (١) ، وله بعد ذلك كلام غريب وخطير في هذا الباب (٢) .

وقد كان من آثار هذا الشرك الصريح، أنه ذكر أن من الأنواع المعتبرة في هذا الباب اتخاذ القرابين وإراقة الدماء، فقال: " إنه لما دلت التجارب عليها وجب المصير إليها" (٣) ، بل قال بتعظيم المزارات والقبور وأن الدعاء عندها فيه فائدة فقال في معرض ذكره لحجج القائلين بأن النفس جوهر روحي مفارق - وهو ما رجحه في كتابه هذا-: " الحجة الثالثة: جرت عادة العقلاء بأنهم يذهبون إلى المزارات المشرفة، ويصلون وتصدقون عندها، ويدعون في بعض المهمات فيجدون آثار النفع ظاهرة، ونتائج القول لائحة، حكى أن أصحاب أرسطو كانوا كلما صعبت عليهم مسألة ذهبوا إلى قبره وبحثوا فيها كانت تنكشف لهم تلك المسألة، وقد يتفق أمثال هذا كثيراً عند قبور الأكابر من العلماء والزهاد في زماننا، ولولا أن النفوس باقية بعد البدن، وإلا لكانت تلك الاستعانة بالميت الخالي من الحس والشعور عبثاً، وذلك باطل " (٤) .

هذه أقوال هذا الإمام الذي يقتدي به الكثيرون، ولعل الرازي قد تاب من ذلك قبل وفاته ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونعوذ به من زيغ القلوب، ونسأله الثبات على دينه الحق إلى أن نلقاه.

٤- ومن المسائل التي كان قوله فيها مضرباً، وكثيراً ما يميل فيها إلى أقوال الفلاسفة، مسألة النبوة، وخصائص النبي (٥) .


(١) المطالب العالمية (ص: ٢١٦) .
(٢) انظر المصدر نفسه (ص: ٢١٩-٢٢٢) .
(٣) المصدر نفسه (ص: ٢٤٣) .
(٤) المطالبة العالية (٢/٣٠١-٣٠٦) ، مخطوط - نقلاً عن الزركان (ص: ٤٧٧-٤٧٨) .
(٥) انظر: المباحث المشرقية (٢/٥٢١-٥٢٢) ، آخر الكتاب - وانظر: كتاب الزركان (ص: ٥٤٧-٥٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>