الرسول، حتى يقول بعضهم: إن الطريقة البرهانية ليست في القرآن، وهؤلاء جهلهم بمعاني الأدلة البرهانية التي دل عليها القرآن كجهلهم بحقائق ما أخبر به القرآن، بل جهلهم بحقائق ما دل عليه الشرع من الدلائل العقلية والمطالب الخبرية أعظم من جهلهم بما سلكوه من الطرق البدعية التي سموها عقلية، وقد رأيت في كلام هذا الرجل وأمثاله من ذلك عجائب يخالفون بها صريح المعقول، مع مخالفتهمن لصحيح المنقول، ونقص علمهم وإيمانهم بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١) ، ثم بين شيخ الإسلام في معرض الرد " أن الطرق التي جاء به القرآن هي الطرق البرهانية التي تحصل العلم في المطالب الإليهة "، ثم ذكر عدة أمثلة تدل على هذا:
١- منها دلالة قياس الأولى على نفي الولد عن الله تعالى، يقول:" مثال ذلك أنه يستدل بقياس الأولى البرهاني، لا يستدل بقياس التمثيل والتعديل، وذلك أن الله تعالى ليس مماثلاً لشيء من الموجودات، فلا يمكن أن يستعمل في حقه قياس شمولي منطقي تستوي أفراده في الحكم، كما لا يستعمل في حقه قياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، فإنه سبحانه لا مثل له، وإنما يستعمل في حقه من هذا وهذا قياس الأولى، مثل أن يُقال: كل نقص ينزه عنه مخلوق من المخلوقات فالخالق تعالى أولى بتنزيهه عنه، وكل كمال مطلق ثبت لموجود من الموجودات فالخالق تعالى أولى بثبوت الكمال المطلق الذي لانقص فيه بوجه من الوجوه، لأنه سبحانه واجب الوجود، فوجوده أكمل من الوجود الممكن من كل وجه، ولأنه مبدع الممكنات وخالقها، فكل كمال لها فهو منه، وهو معطيه، والذي خلق الكمال وأبدعه وأعطاه أحق بأن يكون له الكمال، كما يقولون: كل كمال في المعلول فهو من العلة" ثم يطبق هذا على المسألة التي ذكرها الكيا الهراسي وهي أن الآيات الواردة لا تدل على نفي الولد عن الله تعالى فيقول: " وكان المشركون يقولون: إن الملائكة بنات الله، كما حكى الله ذلك عنهم بقوله:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً}(الزخرف:١٩) ،