للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي الطريقة المشهورة الكلامية للمعتزلة، والكرامية، والكلابية، والأشعرية ومن سلك هذا الطريق في إثبات الصانع أولاً، بناء على حدوث العالم، ثم إثبات صفاته نفياً وإثباتاً بالقياس العقلي - على ما بينهم منم اتفماق واختلاف إما في المسائل وإما في الدلائل- ثم بعد ذلك يتكلمون في السمعيات من المعاد والثواب والعقاب والخلافة والتفضيل والإيمان بطريق مجملة، وإنما عمدة الكلام عندهم ومعظمه مقاييس تستلزم رج كثير مما جاءت به السنة فلحقهم الذم من جهة الضعف المقاييس التي بنوا عليها، ومن جهة ردهم لما جاءت به السنة " (١) ، ثم بين بعد كلامه عن الفرق بين المعتزلة الأشاعرة في هذا الموضوع أن المتكلم أخطأ في ظنه أن طريقة القرآن توافق طريقته ممن وجوه ذكر منمها وجهين عظيمتين:

أحدهما: أن إثبات الصانع في القرآن بنفس آياته، التي يستلزم العلم بها العلم به، وهذه هي الطريقة الفطرية بخلاف الطرق التي أتى بها أهل الكلام من دليل الحدوث أو الإمكان أو غيرها (٢) .

والوجه الثاني: " أن الله أمر بعبادته التي هي كمال النفوس، وصلاحها، وغايتها، ونهايتها، لم يقتصر على مجرد الإقرار به، كما هو غاية الطريقة الكلامية " (٣) ، ثم قال عنهم: " فلا وافقوا، لا في الوسائل ولا في المقاصد، فإن الوسيلة القرآنية قد أشرنا إلى أنها فطرية قريبة، موصلة إلى عين المقصود، وتلك [أي طرق أهل الكلام في إثبات الصانع] قياسية بعيدة، ولا توصل إلا إلى نوع المقصود لا إلى عينه، وأما المقاصد: فالقرآن أخبر بالعلم به والعمل له، فجمع بين قوتي الإنسان العلمية والعملية، الحسية والحركية، الإرادية الإدراكية والاعتمادية القولية والعملية، حيث قال: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (البقرة:٢١) ، فالعبادة لابد فيها من معرفته، والإنابة إليه والتذلل له، والافتقار إليه وهذا هو المقصود، والطريقة الكلامية إنما تفيد مجرد الإقرار والاعتراف بوجوده " (٤) .


(١) مجموع الفتاوى (٢/٧) .
(٢) انظر المصدر السابق (٢/٩-١٢) .
(٣) المصدر نفسه (٢/١٢) .
(٤) مجموع الفتاوى (٢/١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>