للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وأما عند أهل الكلام فإن هؤلاء لم يتنازعوا في أن السمع من الأدلة، وإنما اختلفوا هل عارضه العقل أم لا؟ وإلا فكلهم متفقون على أن الكتاب والسنة مثبتان للأسماء والصفات، والمعاد. وغيرها.

أما أدلة العقول - التي جاء بها هؤلاء يعارضون بها السمع - فهي أدلة مختلف فيها، غير متفق عليها، والدليل على ذلك ما سبق من أن كل طائفة تقول، إن أدلة خصومها باطلة.

وإذا كانت دلالة السمع متفقاً عليها، ودلالة العقول مختلفاً فيها فإنه يمتنع أن يقدم ما هو مختلف فيه على ما هو متفق عليه (١) .

د - أن ما جاء به هؤلاء مبني على الألفاظ المجملة، ولذلك فهو من البدع المحرمة في الدين " والبدعة لو كانت باطلة محضاً لظهرت وبانت، وما قبلت، ولو كانت حقاً محضاً، لاشوب فيه، لكانت موافقة للسنة، فإن السنة لا تناقض حقاً محضاً لا باطل فيه، ولكن البدعة تشتمل على حق وباطل " (٢) ، ثم استشهد شيخ الإسلام بقوله تعالى لبني إسرائيل: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ* وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ* وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: ٤٠-٤٢) ، وبين شبه المتكلمين بهؤلاء (٣) ، وقد ضرب شيخ الإسلام للألفاظ المجملة التي لبسوا بها بين الحق والباطل، بعدة أمثلة منها:

١- لفظ " التوحيد " وكيف قصدوا به نفي الصفات عن الله (٤) .

٢- لفظ الجسم والتركيب، حيث نفوا لأجلهما الصفات (٥) .


(١) انظر: درء التعارض (١/١٩٢-١٩٤) .
(٢) انظر: المصدر السابق (١/٢٠٩) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (١/٢٠٩-٢١١،٢١٩-٢٢٠) .
(٤) انظر: المصدر نفسه (١/٢٢٤) .
(٥) انظر: المصدر نفسه (١/٢٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>