للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن شيخ الإسلام لم يخص فيها خوض الذين يظنون أن فيها فائدة، فضلاً عن أن يكون من المعجبين بها، فهو -رحمه الله- - لم تتغير قناعته لحظة واحدة في أن الكتاب والسنة فيهما ما يغني كل الغنى عن أقوال وترهات الفلاسفة والمتكلمين (١) ، ولذلك فإنه وهو يخوض غمار هذه المناقشات لبيان ما فيها من الباطل لا ينفك عن الإشارة إلى ما في القرآن والحديث من البيان والهدى التام.

الثالث: أن هذه الأقوال التي ينقلها ويناقشها لم تبقِ في دائرة ضيقة ككتب الفلاسفة وما شابهها حتى يقال: إن جماهير المسلمين ينكرون هذه الكتب وتأثرهم بها ضعيف، وإنما انتشرت وتناقلها وتبناها عدد كبير من أعيان الفقهاء الذين هم قدوة لكثير من الناس في الفقه وأصوله، والعقيدة والتفسير وغير ذلك من أنواع العلوم التي برزوا فيها، لذلك فكتبهم وأقوالهم وتحقيقاتهم معتمدة عند هؤلاء الأتباع الذين لا يفرقون في الاقتداء بشيوخهم بين أصول الدين وفروعه، ولذلك صار الضلال الناتج عن هذا كبيراً جداً، فرأى شيخ الإسلام أنه لا يمكن رد هذا الباطل وإقناع هؤلاء الأتباع إلا ببيان فساد أقوال شيوخهم وتهافتها، فنقل أقوال هؤلاء، كما نقل أقوال شيوخهم من أهل الاعتزال والفلسفة، وبين ما فيها من الضلال والانحراف.

وقد كان بيان شيخ الإسلام لفساد العقليات التي يزعمون أنها معارضة للشرع من خلال ثلاثة أوجه في كتابه هي: الوجه الثاني عشر (٢) - وهو مختصر جداً - والثامن عشر (٣) والتاسع عشر الذي أطال فيه بحيث شمل بقية المجلد الأول (٤) ، والمجلد الثاني والثالث والرابع بكاملها.

وقد كانت مناقشته لذلك كما يلي:

أ - ذكر شيخ الإسلام أن الشبه التي يعارضون بها نصوص الشرع في الأسماء والصفات أهمها شبهتان:


(١) سبق شرح هذا ضمن هذا الفصل.
(٢) درء التعارض (١/١٩٤) .
(٣) المصدر السابق (١/٢٨٠-٣٢٠) .
(٤) المصدر نفسه (١/٣٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>