للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ناقش شيخ الإسلام حجة الفلاسفة في مسألة التسلسل وبين ضعف المتكلمين في جوابها، وذكر حججهم - ممثلة في أقوال الرازي - وناقشها بالتفصيل (١) ، ثم عاد شيخ الإسلام يناقش مسألة حلول الحوادث كما سبق (٢) .

وفي النهاية ذكر شيخ الإسلام الخلاصة، وكيف اضطرب المتكلمون في هذه المسائل مع أنهم جعلوها من الأصول التي تقدم على الشرع قال شيخ الإسلام: " وسبب ذلك أنهم يقولون أقوالاً تستلزم الجمع بين النقيضين تارة، ورفع النقيضين تارة، بل تستلزم كليهما، والأصل العظيم الذي هو من أعظم أصول العلم والدين لا يذكرون فيه إلا أقوالاً ضعيفة، والقوال الصواب الموافق للميزان والكتاب لا يعرفونه" (٣) ، وذكر من الأمثلة على ذلك مما سبق:

أ - مسألة حدوث العالم، فإنهم لا يذكرون إلا قولين:

- قول من يقول بقدم الأفلاك، وهم الفلاسفة الدهرية.

- وقول من يقول: بل تراخي المفعول عن المؤثر التام، وأنه يمتنع أن يكون الله لم يزل متكلماً إذا شاء ويفعل إذا شاء.

- والقول الصواب الذي هو قول السلف والأئمة لا يعرفونه، وهو القول بأن الأثر يتعقب التأثير التام، فهو سبحانه إذا كوّن شيئاً كان، وهذا هو المعقول كما يكون الطلاق والانكسار عقب التطليق والكسر.

ب - وفي كونه موجباً بذاته فاعلاً بمشيئته وقدرته يذكرون قولين:

- قول الفلاسفة: هو موجب بذاته في الأزل، وأن علّته تامة في الأزل فيجب أن يستلزم معلوله، فتكون مخلوقاته أزلية معه. وهذا باطل.

- وقول من يقول: إنه فاعل مختار، لكنه يفعل بوصف الجواز فيرجح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح، إما بمجرد كونه قادراً، أو لمجرد كونه قادراً


(١) انظر: درء التعارض (٢/٣٤٤-٣٩٩، ٣/٣-٣٨٩) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٤/٣) ، وما بعدها.
(٣) انظر: المصدر نفسه (٤/٢٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>