للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- أن الأشاعرة مع مخالفتهم للمعتزلة في مسألة الرؤية والقرآن - وهي من البدع القديمة التي أظهرها المعتزلة والجمهية - إلا أنهم وافقوهم على نفي العلو والقول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه والعجيب "أن هذه البدعة الشنعاء والمقالة التي هي شر من كثير من (١) اليهود والنصارى، لم يكن يظهرها أحد من المعتزلة للعامة ولا يدعو عموم الناس إليها، وإنما كان السلف يستدلون على أنهم يبطنون ذلك بما يظهرونه من مقالاتهم" - يقول شيخ الإسلام مخاطباً الأشاعرة -: "فموافقتكم للمعتزلة على ما أسروه من التعطيل والإلحاد الذي هو أعظم مخالفة للشرع والعقل مما خالفتموه (٢) فيه في مسألة الرؤية والقرآن، فإن كل عاقل يعلم أن دلالة القرآن على علو الله على عرشه أعظم من دلالته على أن الله يرى ... فوافقتم الجهمية المعتملة وغيرهم على ما هو أبعد عن العقل والدين مما خالفتموهم فيه" (٣) ، ثم يقول شيخ الإسلام - مخاطباً الأشاعرة - إن هذا أوجب فسادين عظيمين:

"أحدهما: تسلط المعتزلة ونحوهم عليكم، فإنكم لما وافقتموهم على هذا التعطيل، بقي بعد ذلك إثباتكم للرؤية ولكون القرآن غير مخلوق قولاً باطلاً في العقل عند جمهور العقلاء، وانفردتم عن جميع طوائف الأمة بما ابتدعتموه في مسألة الكلام والرؤية، وقويت المعتزلة بذلك عليكم وعلى أهل السنة، وإن كنتم قد رددتم على المعتزلة" (٤) ، وذلك بما فعله الأشعري وغيره من إبراز تناقض المعتزلة.

والثاني: "أن الفضلاء إذا تدبروا حقيقة قولكم الذي أظهر فيه خلاف المعتزلة، وجدوكم قريبين منهم أو موافقين لهم في المعنى، كما في مسألة الرؤية فإنكم تتظاهرون بإثبات الرؤية والرد على المعتزلة ثم تفسرونها بما لا ينازع المعتزلة في إثباته ... " (٥) ، وكذا في مسألة القرآن وكلام الله (٦) .


(١) كذا في المطبوعة من التسعينية، ولعل العبارة: من [أقوال] اليهود..
(٢) لعل الصواب خالفتموهم.
(٣) التسعينية (ص: ٢٦٢-٢٦٣) .
(٤) المصدر السابق (ص: ٢٦٣) .
(٥) المصدر السابق (ص: ٣٦٤) .
(٦) المصدر السابق (ص: ٢٦٤-٢٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>