للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعليم لا يكون إلا متحيزا، وكذلك السميع والبصير، لأنك تقيس على المخلوقات " (١) ، يقول شيخ الإسلام معقبا: " وكان كثير من متكلمة الصفاتية من أصحاب الأشعري ونحوهم فسروا الواحد، والتوحيد، بنحو تفسير المعتزلة وغيرهم من الجهمية، ولم يفسروه بما ذكره ابن كلاب ولا بغير ذلك " (٢) .

ولاشك أن أئمة الأشاعرة المتقدمين كالأشعري وغيره يثبتون لله صفات العلو والاستواء والصفات الخبرية، ولا تقتضي عندهم تشبيها، كما أن إثباتها لا يعارض

ما يقولون به من التوحيد لله تعالى.

٣- أن قولهم: إن الواحد هو الذي لا ينقسم ولا يتجزأ وليس بجسم، ليس معروفا في لغة العرب، بل المعروف في لغة العرب أنهم يطلقون على كثير من المخلوقات أنه واحد وهو جسم، بل "لا يوجد في لغة العرب، بل ولا غيرهم من الأمم استعمال الواحد، الأحد، الوحيد إلا فيما يسمونه هم جسما ومنقسما كقوله تعالى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) [المدثر: ١١] ، وقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) [النساء: ١١] ، وقوله: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ) - إلى قولهـ (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) [الكهف: ٣٢-٣٧] ، وقوله: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) [البقرة: ٢٦٦] ، وقوله تعالى: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) [الكهف: ٤٩] ... والعرب وغيرهم من الأمم يقولون: رجل ورجلان اثنان، وثلالة رجال، وفرس واحد وجمل واحد، ودرهم واحد، وثوب واحد ... فلفظ الواحد وما يتصرف منه في لغة العرب وغيرهم من الأمم لا يطلق إلا على ما يسمونه هم جسما منقسما لأن ما لا يسمونه هم جسما منقسما ليس هو شيئا يعقله الناس، ولايعلمون وجوده حتى يعبروا عنه" (٣) ، وفي موضع آخر يذكر شيخ الإسلام نصوصا عديدة من الكتاب والسنة، ويعلق عليها. فيقول


(١) نقلا عن نقض التأسيس- المطبوع- (١/٤٦٨) .
(٢) المصدر السابق (١/٤٦٧-٤٦٩) .
(٣) درء التعارض (٧/١١٤-١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>