للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - في سنة ٦٩٣ هـ تولى محمود قازان عرش المغول، ثم في سنة ٦٩٤هـ دخل في الإسلام، يقول الذهبي عن هذه السنة: " وفيها دخل ملك التتار غازان ابن أرغون في الإسلام وتلفظ بالشهادتين بإشارة نائبه نوروز، ونشر الذهب واللؤلؤ على رأسه، وكان يوما مشهودا، ثم لقنه نوروز شيئا من القرآن، ودخل رمضان فصامه، وفشا الإسلام في التتار " (١) ، وقد أعلن غازان الإسلام دينا رسميا للدولة المغولية في إيران، كما غير المغول زيهم فلبسوا العمامة، كما أمر بتدمير الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية، والأصنام البوذية، كما أمر أهل الذمة بأن يتميزوا بلباس خاص بهم. وهكذا اختلف إسلام قازان عن إسلام السلطان أحمد بأن إسلامه لم يكن فرديا وإنما حوله إلى دين رسمي للدولة.

لكن هذه الصورة التي قد تبدو جميلة سرعان ما تتغير حين يتابع المرء الأحداث التي تمت في عهد هذا السلطان، فقد هاجم وجيشه الشام مرات ودارت بينهم وبين أله الشام - ومعه سلاطين مصر- معارك كبيرة، وانتصر المغول في أولاها وهزموا فيما تلاها، وقد عاث الجيش التتري فسادا في الأرض وفعلوا - كما قال ابن تيمية لقازان نفسه لما التقى بهـ ما لم يفعله أسلافه من حكام التتار الوثنيين. وقد بقيت الأمور على هذه الحال إلى ما بعد وفاة غازان سنة٧٠٣هـ (٢) .

وقد كان التتار يقدسون دستورهم الذي وضعه لهم جنكيز خان، وكان يسمى إلياسا أو اليساق وكانوا يتحاكمون إليه - وسيأتي عرض هذا الموضوع إن شاء الله - وبعد إسلامهم لم يتركوا التحاكم إلى هذا الدستور، فأوقع إسلامهم ونطقهم بالشهادتين شبهة لدى كثير من الناس - وفيهم بعض العلماء - حول جواز قتالهم وهم على هذه الحال. وقد حسم ذلك ابن تيمية - كما سيأتي.


(١) = لقتال قومه. انظر تشريف الأيام (ص: ٤٨) ، والسلطان أحمد قتل ولم يجر بينه وبين المسلمين قتال. فالله أعلم بحقيقة الحال. انظر العبر (٣/ ٣٥٢) .
(١) دول الإسلام (٢/ ١٩٦) .
(٢) انظر فيما سبق وفي ترجمة قازان: شذرات الذهب (٦/٩) ، وذيول العبر (ص:٩) ، والنجوم الزاهرة (٨/٢١٢) ، والبداية والنهاية (١٤/٢٩) ، وانظر مؤرخ المغول (ص: ٧٠) وما بعدها. ووثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي (ص: ٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>