للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تنزيهه عن الحدوث (١) ودلائله أمر معلوم بالضرورة، متفق عليه بين جميع الخلق لامتناع أن يكون صانع العالم محدثا، لكن الشأن فيما هو من سمات الحدوث، فإن في كثير من ذلك نزاعا بين الناس ... (٢) .

لهذا كله لابد من شرح هذا الدليل وتوضيح بعض جزئياته، وبيان كيف أدى بهؤلاء الى هذه النتائج الباطلة التي خالفوا بها نصوص الكتاب والسنة وصار ذمهم يتردد على لسان كل علم من أعلام أهل السنة والجماعة، وهذا سيفيد أيضا في بيان بطلانه، لأن الباطل أحيانا لا يحتاج إلى ردود، بل تصوره يكفي في بيان أنه باطل.

وشرحه سيكون- في الفقرة الأولى- ضمن ردود شيخ الإسلام على أصحاب هذا الدليل، وهي كما يلي:

١- أن الأشاعرة وأهل الكلام القائلين بهذا الدليل، مختلفون في كثير من تفاصيله، وإذا كان الدليل مبنيا على مقدمات يترتب بعضها على بعض، ثم جاء من يعارض في بعض المقدمات، فهو في هذه الحال يرد على من سلم بها، وخصمه أيضا يرد عليه ما أتى به من مقدمات بديلة عنها، وهكذا.

وبيان ذلك أن هؤلاء بعد أن سلموا بأن إثبات الصانع لا يعلم إلا بحدوث العالم، وحدوث العالم لا يعلم إلا بما به يعلم حدوث الأجسام- اختلفوا في كيفية تقرير دليل حدوث الأجسام:

فطائفة: قالت: إن الجسم لا يخلو عن الحوادث، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث.

وطائفة: قالت: إن الجسم لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض وقالوا: إن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، ثم قالوا والعرض لا يبقى زمانين، فتكون الأعراض كلها حادثة شيئا بعد شيء، والأجسام لا تخلو منها.


(١) في المخطوطة عن سمات الحدوث، وسياق الكلام يقتضى حذف كلمة [سمات] هنا. والله أعلم.
(٢) نقض التأسيس- مخطوط- (١/١٢٢-١٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>