للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واصفرار الشمس: إنه أفول، لا يقال للشمس إذا اصفرت: إنها أفلت، وإنما يقال: أفلت إذا غابت واحتجبت وهذا من المتواتر المعلوم بالاضطرار من لغة العرب، أن آفلا بمعنى غائب وقد أفلت الشمس تأفل وتأفل أفولا: أي غابت ... ومعلوم أنه لما بزغ القمر والشمس كان في بزوغه متحركا، وهو الذي يسمونه تغيرا، فلو كان قد استدل بالحركة المسماة تغييرا لكان قد قال ذلك من حين رآه بازغا (١) ".

وبالرجوع إلى كتب أهل اللغة وغريب القرآن نجد أنهم لا يفسرون الأفول إلا بالمغيب فقط (٢) ، وكذلك كتب التفسير، إلا أن الزمخشري شرح الأفول وساق الدليل ليوافق دليل حدوث الأجسام، أما البيضاوي فقد فسر الأفول بالمغيب لكنه ألمح إلى دليل حدوث الأجسام (٣) .

وقد اعترف العز بن عبد السلام بأن استدلال المتكلمين بهذه الآية مشكل غاية الإشكال، وبين ذلك بما ينقض استدلالهم (٤) .

و "أن هذا القول الذي قالوه لم يقله أحد من علماء السلف، أهل التفسير، ولا من أهل اللغة، بل هو من التفسيرات المبتدعة في الإسلام كما ذكر ذلك عثمان بن سعيد الدارمي وغيره من علماء السنة، وبينوا أن هذا من التفسير المبتدع (٥) ". وقد قال الدارمي في رده على المريسى: "واحتججت أيها المريسى في نفي التحرك عن الله والزوال بحجج الصبيان، فزعمت أن إبراهيم حين رأى كوكبا وشمسا وقمرا قال: "قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ


(١) انظر: درء التعارض (١/٠٩-١١) .
(٢) انظر في مادة أفل: الصحاح للجوهرى، وممجم مقاييس اللغة (١/١١٩) ، ومجمل اللغة، ولسان العرب، وتاج العروس. والمعجم الكبير (مجمع اللغة العربية) . وانظر أيضا: تفسير المشكل عن غريب القرآن لمكي (ص: ٧٧) ، وتحفة الأريب لأبي حبان (ص: ٤٧) - أما كتب غريب الحديث فلم ترد فيها مادة "أفل" فيما اطلعت عليه منها. وفي مجمع البحرين (٥/٣٠٧) للطريحي- شيعي إمامي- فسر أفل بمعنى غاب فقط.
(٣) انظر: تفسير الطبري (الأنعام آية: ٧٦) . وانظر أيضا: الكشاف وأنوار التنزيل نفس الآية.
(٤) انظر: فوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام (ص: ١١٩) .
(٥) انظر: درء التعارض (١/٣١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>