قال:(مسألة إذا أفتى واحد وعرفوا به ولم ينكره واحد قبل استقرار المذاهب فإجماع، أو حجة، وعن الشافعى رضى اللَّه عنه ليس إجماعًا، ولا حجة، وعنه خلافه. وقال الجبائى: إجماع بشرط انقراض العصر، ابن أبى هريرة إن كان فتيا لا حكمًا، لنا سكوتهم ظاهر فى موافقتهم فكان كقولهم الظاهر فينتهض دليل السمع المخالف يحتمل أنه لم يجتهد أو وقف أو خالف فروى أو وقر أو هاب فلا إجماع ولا حجة، قلنا خلاف الظاهر لأن عادتهم ترك المسكوت الآخر دليل ظاهر لما ذكرناه الجبائى انقراض العصر لضعف الاحتمال، ابن أبى هريرة العادة فى الفتيا لا فى الحكم أجيب بأن الفرض قبل استقرار المذاهب وأما إذا لم ينتشر فليس بحجة عند الأكثر).
أقول: إذا قال واحد أو جماعة بقول وعرف به الباقون ولم ينكره أحد منهم فإن كان بعد استقرار المذاهب لم يدل على الموافقة قطعًا إذ لا عادة بإنكاره فلم يكن حجة وإن كان قبله وهو عند البحث عن المذاهب والنظر فيها فقد اختلف فيه والحق أنه إجماع أو حجة وليس بإجماع قطعى، وعن الشافعى رضى اللَّه عنه أنه ليس إجماعًا ولا حجة، وروى عنه خلافه، وقال الجبائى: هو إجماع بشرط انقراض العصر، وقال أبو على بن أبى هريرة: إن كان القول فتيا فإجماع، وإن كان حكمًا فلا. لنا سكوتهم ظاهر فى موافقتهم إذ يبعد سكوت الكل مع اعتقاد المخالفة عادة كما ترى عليه الناس فكان ذلك فى إفادة الاتفاق ظنًا، كقول ظاهر الدلالة غير قطعيها، وحينئذٍ ينتهض دليل السمع فإنه سبيل المؤمنين، وقول كل الأمة وبالجملة فليس الظن الحاصل به دون الحاصل بالقياس وظواهر الأخبار فوجب العمل به، احتج المخالف وهو القائل بأنه ليس بإجماع ولا حجة بأنه يجوز أن يكون من لم ينكر إنما لم ينكر لأنه لم يجتهد بعد فلا رأى له فى المسألة أو اجتهد فتوقف لتعارض الأدلة أو خالفه لكن لما سمع خلاف رأيه روى لاحتمال رجحان مأخذ المخالف حتى يظهر عدمه أو وقره فلم يخالفه تعظيمًا له أو هاب المفتى أو الفتنة، كما نقل عن ابن عباس فى مسألة العول أنه سكت أولًا ثم أظهر الإنكار فقيل له فى ذلك فقال: إنه واللَّه لكان رجلًا مهيبًا يعنى عمر ومع قيام هذه الاحتمالات لا يدل على الموافقة فلا يكون إجماعًا ولا حجة.
الجواب: أنها وإن كانت محتملة فهى خلاف الظاهر لما علم من عادتهم ترك