قال:(مسألة: انقراض العصر غير مشروط عند المحققين، وقال أحمد، وابن فورك: يشترط. وقيل فى السكوتى، وقال الإمام: إن كان عن قياس. لنا دليل السمع، واستدل بأنه يؤدى إلى عدم الإجماع للتلاحق، وأجيب بأن المراد عصر المجمعين الأولين إذ لا مدخل للاحق).
أقول: انقراض عصر المجمعين غير مشروط وفى انعقاد إجماعهم وكونه حجة فإذا اتفقوا ولو حينًا لم يجز لهم ولا لغيرهم مخالفته وعليه المحققون. وقال أحمد وابن فورك: يشترط، وقيل: يشترط فى السكوتى دون غيره، وقال إمام الحرمين: إن كان مستنده قياسًا اشترط وإلا فلا. لنا أن الأدلة السمعية عامة تتناول ما انقرض عصره وما لم ينقرض، واستدل لو اشترط الانقراض لما حصل إجماع لتلاحق المجتهدين بعض بعضًا، واللازم باطل، لأن البحث عنه فرع حصوله. الجواب: أن اللاحقين إما أن يقال: لهم مدخل فى الإجماع أو يقال: لا مدخل لهم فيه، فإن قلنا: لهم مدخل فلا نريد انقراض المجمعين مطلقًا بل انقراض المجمعين الأولين، وإن قلنا: لا مدخل لهم فظاهر لأن المجمعين هم الأولون فالشرط انقراض عصرهم.
قوله:(لتلاحق المجتهدين بعض بعضًا) فيه حزازة إذ لا يصح تلاحق زيد عمرًا إلا أن يكون بمعنى لحق ثم هذا التلاحق ليس بواجب بل غايته الجواز فمن أين يلزم عدم تحقق الإجماع؟
قوله:(إما أن يقال) يعنى اختلف القائلون باشتراط الانقراض فى فائدته فذهب الجمهور إلى أنه يعتبر موافقة اللاحقين ومخالفتهم حتى لا تصير المسألة إجماعية مع مخالفتهم وذهب أحمد وجماعة إلى أنه لا يعتبر بل فائدته تمكن المجمعين عن الرجوع حتى لو انقرضوا مصرين كانت المسألة إجماعية لا عبرة فيها بمخالفة الآخرين فعلى الأوّل أهل الإجماع هم السابقون واللاحقون جميعًا لكان إنما يشترط انقراض السابقين فقط وعلى الثانى هم السابقون فقط فيصح اشتراط انقراض المجمعين كلهم.
قوله:(فيه حزازة. . . إلخ) رد بأن التفاعل للكثرة، وقوله: فمن أين يلزم عدم تحقق الإجماع رد بأن المراد لو شرط لزم عدم تحقق الإجماع فى زمان قد تحقق فيه وهو زمان الصحابة والتابعين وحينئذ لا يمنع اللحوق.