قال:(قالوا: يستلزم إلغاء الخبر الصحيح بتقدير الاطلاع عليه. قلنا: بعيد وبتقديره فلا أثر له مع القاطع، كما لو انقرضوا. قالوا: لو لم يشترط لمنع المجتهد من الرجوع عن اجتهاده. قلنا: واجب لقيام الإجماع، قالوا لو لم تعتبر مخالفته لم تعتبر مخالفة من مات لأن الباقى كل الأمة. قلنا: قد التزمه بعض والفرق أن هذا قول من وجد من الأمة فلا إجماع).
أقول: القائلون باشتراط الانقراض احتجوا بوجوه:
قالوا: أولًا: عدم اشتراطه يستلزم عدم العمل بالخبر الصحيح إن اطلع عليه وذلك يؤدى إلى إبطال النص بالاجتهاد، وأنه باطل.
الجواب: وجوده مع ذهول المجمعين عنه بعد الفحص والاطلاع عليه من بعد بعيد جدًا، ولو قدر لا يعمل به ولكن لا للاجتهاد بل لأن القاطع دل على خلافه وهو الإجماع، وإن كان عن الاجتهاد وذلك كما لو اطلع عليه بعد الانقراض، فجوابكم جوابنا.
قالوا: ثانيًا: لو لم يشترط الانقراض لمنع المجتهد من الرجوع عن اجتهاده واللازم باطل، بيانه أنه إذا تغير اجتهاد بعض المجمعين وقد انعقد الإجماع باجتهاده فيحكم باجتهاده الأول، ولا يمكن من العمل باجتهاده الثانى، لمخالفته الإجماع، وذلك ما ادعينا.
الجواب: لا نسلم أن اللازم باطل مطلقًا بل عند عدم الإجماع وأما معه فالمنع عن الرجوع واجب، كما قيل: رأيك فى الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك.
قالوا: ثالثًا: لو لم تعتبر مخالفته إذا رجع فلأن الأول اتفاق كل الأمة فيجب أن لا تعتبر مخالفة من مات فيكون اتفاق الباقين إجماعًا لأنه اتفاق كل الأمة واللازم باطل.
الجواب: أن عدم اعتبار مخالفة من مات مختلف فيه، فأما من قال به فإنه يمنع بطلان اللازم ويلتزمه، وأما من لم يقل به فيمنع الملازمة ويفرق بأن القول لا يموت بموت قائله، فقول المخالف الميت قول بعض من وجد من الأمة، وهو متحقق حين الإجماع فلا ينعقد مع مخالفته بخلاف ما نحن فيه إذ وجد فيه قول كل الأمة حين لم يوجد قول مخالفه، وإذا انعقد فلا عبرة بما يحدث بعده سواء فيه قول بعضهم وقول غيرهم.