للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو على الأول جزم بالكذب وحصوله فى نوعيه: العمد وغير العمد، وعلى الثانى حصر كلامه فى الكذب وفيما ليس بخبر وأيًا ما كان فلا واسطة إن قيل لا حاجة فى الوجه الثانى إلى ما ذكره من التكلف بل يكفى أن يقال المعنى أقصد الكذب أم لم يقصد بل كذب لا عن قصد، قلنا نعم إلا أنه حاول أن يشرح كلامه على وفق كلام المنتهى حيث قال: أو مخبر كاذب أو ليس بمخبر وبعض الشارحين توهموا أن ما فى المتن جواب واحد تقريره أن المعنى: افترى أم لم يفتر بل به جنون، وكلام المجنون ليس افتراء سواء قصد أم لم يقصد للجنون فإنه يستلزم عدم خبرته كلامه فيكون مرادهم الحصر فى الكذب وفيما ليس بخبر وكأنه وقع فى نسخته قصد بدون كلمة أو ولا يخفى أن لا وجه لنفى الخبرية على تقدير القصد ثم إنهم أوردوا الوجه الأول من الجواب بطريق الاعتراض فأجابوا بأن تقييد الافتراء بما يكون من عمد خلاف الأصل ولم يعرفوا أن ذلك بحسب اللغة.

قوله: (ولا عبرة فيهما بمطابقة الواقع) نفى لما توهّمه الشارحون أن مطابقة الواقع أيضًا معتبرة فى الصدق على هذا المذهب كما فى مذهب الجاحظ لا فرق بين المذهبين فى تفسير الصدق وإنما الفرق فى تفسير الكذب حيث أخذ على هذا المذهب أعم لأن الخبر إن طابق الواقع والاعتقاد جميعًا فصدق وإلا فكذب.

قوله: (بل فى شهادتهم إما لإشعارها) يعنى ليس التكذيب راجعًا إلى نفس مدلول نشهد لظهور أنه إنشاء للشهادة لا إخبار عن شهادة حالية أو استقبالية بل إلى ما تتضمن من الخبر الغير المطابق للواقع وهو أنهم يقولون ذلك عن علم بشهادة العرف أو أنهم يستمرون عليها فى الغيبة والحضور بشهادة الفعل المضارع المنبئ عن الاستمرار أو أن هذه الشهادة صادرة عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد بشهادة أن واللام والجملة الاسمية ويجوز أن يريد أنهم قوم شأنهم الكذب وإن صدقوا فى هذه القضية خاصة أو كاذبون فى تسمية مثل هذا الإخبار الخالى عن المواطأة شهادة أو فى المشهود به لكن لا فى الواقع بل فى زعمهم الفاسد واعتقادهم الباطل حيث اعتقدوا أن هذا الخبر غير مطابق للواقع.

قوله: (وهذه المسألة لفظية) أى لغوية لا تتعلق بعلم الأصول كثير تعلق إذ المقصود تحقيق المعنى الذى وضع لفظ الصدق والكذب بإزائه وليس المراد أنه نزاع لفظى يتعلق بالاصطلاح على ما يشعر به كلام الآمدى لأنه لا قائل بنقل اللفظين عن معناهما اللغوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>