قال:(مسألة: قد يحصل العلم بخبر الواحد العدل بالقرائن لغير التعريف وقيل وبغير قرينة وقال أحمد ويطرد والأكثر لا بقرينة ولا بغيرها لنا لو حصل بغير قرينة لكان عاديًا فيطرد ولأدى إلى تناقض المعلومين ولوجب تخطئة المخالف وأما حصوله بقرينة فلو أخبر ملك بموت ولد مشرف مع صراخ وجنازة وانهتاك حريم ونحوه لقطعنا بصحته، واعترض بأنه حصل بالقرائن، ورد بأنه لولا الخبر لجوزنا موت آخر، قالوا أدلتكم تأباه قلنا انتفى الأول؛ لأنه مطرد فى مثله وانتفى الثانى لأنه يستحيل حصول مثله فى النقيض واننفى الثالث لأنا نخطئ المخالف لو وقع قالوا: قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْفُ}[الإسراء: ٣٦]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[النجم: ٢٨]، فنهى وذم فدل على أنه ممنوع وأجيب بأن المتتبع الإجماع وبأنه مؤوّل فيما المطلوب فيه العلم من الدين).
أقول: قد اختلف فى خبر الواحد العدل هل بفيد العلم أو لا، والمختار أنه يفيد العلم بانضمام القرائن وعنى بها الزائدة على ما لا ينفك التعريف عنه عادة وقال قوم: ويحصل العلم به بغير قرينة أيضًا ثم اختلفوا فقال أحمد فى قول: يحصل العلم به بلا قرينة ويطرد أى كما حصل خبر الواحد حصل العلم وقال قوم: لا يطرد أى قد يحصل العلم به لكن ليس كلما حصل حصل العلم به، وقال الأكثرون: لا يحصل العلم به لا بقرينة ولا بغير قرينة، فههنا مقامان:
أحدهما: أنه لا يحصل العلم به بغير قرينة لنا فيه لو حصل بلا قرينة لكان عاديًا إذ لا علية عندنا ولا ترتب إلا بإجراء اللَّه عادته بخلق شئ عقيب آخر، ولو كان عاديًا لاطرد كخبر المتواتر وانتفاء اللازم بين، ولنا أيضًا لو حصل العلم به لأدى إلى تناقض المعلومين إذا أخبر عدلان بأمرين متناقضين فإن ذلك جائز بالضرورة بل واقع واللازم باطل لإن المعلومين واقعان فى الواقع وإلا كان العلم جهلًا فيلزم اجتماع النقيضين، ولنا أيضًا لو حصل العلم به لوجب القطع بتخطئة من يخالفه بالاجتهاد وهو خلاف الإجماع.
الثانى: حصول العلم فيه بالقرائن، ولنا فيه أنه لو أخبر ملك بموت ولد له مشرف على الموت وانضم إليه القرائن من صراخ وجنازة وخروج المخدرات على حالة منكرة غير معتادة، دون موت مثله ولذلك الملك وأكابر مملكته فإنا نقطع بصحة ذلك الخبر ونعلم به موت الولد نجد ذلك من أنفسنا وجدانًا ضروريًا لا