يتطرق إليه الشك، واعترض عليه بأن العلم ثمة لا يحصل بالخبر بل بالقرائن كالعلم بخجل الخَجِل ووجل الوَجِل، وارتضاع الطفل اللبن من الثدى ونحوها.
والجواب: أنه حصل بالخبر بضميمة القرائن إذ لولا الخبر لجوزنا موت شخص آخر، واعلم أن العدالة ليست شرطًا فى إفادة مثله للعلم على ما لا يخفى فقوله بخبر الواحد العدل إنما ذكره لأن سائر المذاهب المذكورة مقيدة به فإن أحدًا لم يقل إن خبر غير العدل يفيد العلم مطردًا، المخالفون أيضًا فرقتان: فرقة تنكر إفادته للعلم مع القرينة وفرقة تقول بإفادته له بلا قرينة.
أما المنكرون مطلقًا فقالوا: أدلتكم على امتناع إفادته للعلم بلا قرينة تأبى كونه مفيدًا له بقرينة للزوم الاطراد وتناقض المعلومين والقطع بتخطئة مخالفة.
والجواب: أنها لا تتأتى فى الخبر مع القرائن، أما لزوم الاطراد فلأنه ملتزم فى مثله فإنه لا يخلو عن العلم وأما تناقض المعلومين فلأن ذلك إذا حصل فى قضية امتنع أن يحصل مثله فى نقيضها عادة، وأما تخطئة المخالف قطعًا فلأنه ملتزم ولو وقع لم يجز مخالفته بالاجتهاد، إلا أنه لم يقع فى الشرعيات.
وأما القائلون بإفادته مطلقًا، فقالوا: يجب العمل به إجماعًا ولولا أنه مفيد للعلم غير مقتصر على الظن لما وجب العمل به بل لم يجز؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]، والنهى للتحريم، وقال:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[النجم: ٢٨]، فى معرض الذم، فدل على حرمته.
والجواب من وجهين:
أحدهما: أنه إنما المتبع هو الإجماع على وجوب العمل بالظواهر، وأنه قاطع.
وثانيهما: أن ظاهرها فى العموم مؤوّل بتخصيصه بما المطلوب فيه العلم من أصول الدين لا ما يطلب فيه العمل من أحكام الشرع.
قوله:(وعنى بها الزائدة) يعنى أن المراد بالقرائن لغير التعريف القرائن المنفصلة غير اللازمة من أحوال فى الخبر والمخبر والمخبر عنه كالصراخ والجنازة وخروج المخدرات ونحو ذلك فيما إذا أخبر ملك بموت ولده وحاصل المذاهب فى ذلك أربعة: الأول: أنه يفيد العلم عند انضمام القرائن فقط وهو المختار، الثانى: أنه يفيد العلم مطلقًا على اطراد، الثالث: أنه يفيده لا على اطراد، الرابع: أنه لا