يفيده أصلًا بل إنما يفيد الظن فقط ففى المختار دعوتان: إحداهما: أنه يفيد العلم عند القرائن، وثانيتهما: أنه لا يفيده بدون القرائن.
قوله:(ولو كان عاديًا لاطرد) لأن معناه الحصول دائمًا من غير اقتضاء عقلى وهو معنى الاطراد والتمثيل بالتواتر تنبيه على هذا المعنى وانتفاء اللازم ضرورى بالوجدان إذ كثيرًا ما نسمع خبر العدل ولا يحصل لنا العلم القطعى وبهذا يسقط ما فى بعض الشروح من منع الملازمة إذ كثيرًا ما يتخلف الحكم عن العاديات بعارض ومن أن التشبيه بالمتواتر تمثيل لا دليل ومن منع انتفاء اللازم عند الخلو عن القرائن وإنما لا يحصل العلم عند قرينة الكذب.
قوله:(فإن ذلك جائز بالضرورة) دفع لما فى بعض الشروح من منع إمكان خبر عدل آخر بنقيض خبر العدل الأول قوله: بل واقع دفع لما فى شرح العلامة من أن المقدم مركب من حصول العلم ومن إخبار عدلين بالنقيضين وانتفاء التالى لا يوجب انتفاء كل من جزأى المقدم بل يجوز أن يكون انتفاؤه بانتفاء الجزء التالى.
قوله:(نجد ذلك من أنفسنا) تنبيه على أن المثال المذكور تنبيه على إمكان الضرورة لا تصحيح الدعوى الكلية بالمثال الجزئى على أن فى كليته الدعوى أيضًا نظرًا إلا أنه سيجئ فى جواب المنكرين ما يشعر بالكلية والاطراد.
قوله:(اعلم) قد سمعت أن المذاهب أربعة ولا خفاء فى أن عدم إفادته العلم أصلًا لا يتقيد بالعدالة وأن إفادته العلم بلا قرينة يتقيد بها مطردًا، كان كما هو مذهب أحمد أو غير مطرد كما هو مذهب البعض على ما يشعر به دليلهم وأما إفادته العلم عند القرائن فلا يتقيد بها لأن التعويل فيه على القرائن فالتقييد بالعدالة لبيان المذهب بناء على تقيد البعض بها لا الكل فالمراد بسائر المذاهب المذهبان القائلان بإفادة العلم بلا قرينة مطردًا أو غير مطرد وإنما قَيَّد المحقق بقوله مطردًا لأنه أوضح فى البجان.
قوله:(المخالفون أيضًا فرقتان) لفظة أيضًا ليست فى موقعها وإنما يحسن لو كان القائلون بالمختار فرقتين وكأنه نظر إلى أن المخالفين لما افترقوا فرقتين كان لهم على الإطلاق مقامان كما للقائلين بالمختار ثم لا يخفى أن المخالفين ثلاث فرق لأن القائلين بإفادته العلم بلا قرينة فرقتان: فرقة تقول بالاطراد، وفرقة تقول بعدم الاطراد، وليس فى الأدلة ما يشير إلى هذا التفصيل فلهذا جعلهما فرقة واحدة.