للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وتتوقف) أى: معرفة وجود البارى تعالى، لأن المتكلمين إنما يستدلون بحدوث العالم على وجود الصانع، فإنه السبب المحوج إليه أو جزؤه أو شرطه على رأيهم، وهو متوقف على أدلته.

قوله: (وأيضًا أنه) أى كون الكتاب وما ذكر معه حجة (يتوقف على صدق المبلغ) وتوقف السنة على ذلك ظاهر وأما الكتاب فلأن كل واحد مما يستدل به منه على الأحكام ليس معجزًا، فلا يعلم أنه من كلامه تعالى إلا بإخباره فلا من صدقه وأما الإجماع والقياس فيرجعان إليهما.

قوله: (وهو) أى صدق المبلغ بل الحلم به (يتوقف على دلالة المعجزة عليه) فإنها تصديق له من اللَّه تعالى فيما ادعاه ولا طريق إليه سواها (ودلالتها تتوقف على امتناع تأثير غير قدرة اللَّه تعالى القديمة فيها) وإلا لم يجزم بأنها فعله، فضلًا عن أنها تصديقه والعلم بذلك الامتناع يتوقف على قاعدة خلق الأعمال، وعلى أن لا تأثير لقدرة العباد، بل لا مؤثر فى الوجود إلا اللَّه سبحانه وتعالى فالمعجزة من أفعاله قطعًا، وفيه أن من أثبت لغيره تعالى قدرة مؤثرة مع تفاوت مراتبها وتباين آثارها فهو فى دلالة المعجزة على ورطة الحيرة، وإن جنحوا إلى دعوى الضرورة فقطع الاحتمال على وجه لا يشوبه ريبة إنما هو بتلك القاعدة القويمة، وظاهر هذه العبارة يساعد هذا التوجيه كما تشهد به الطبائع المستقيمة، ومنهم من جعل الضمير راجعًا إلى دلالة المعجزة زاعمًا أنها تتوقف عندنا على أمرين: الأول: الامتناع المذكور فإن شرط المعجزة العجز عن المعارضة، الثانى: قاعدة خلق الأعمال إذ من شرائطها أن تكون فعله تعالى أو مسببًا عنه ليكون تصديقًا منه، وأن يكون ظهورها على يد مدعى النبوة فتكون المعجزة الظاهرة على يد من خلق اللَّه تعالى، ولا يريد بهذا توقفها على أنه المؤثر فى جميع الممكنات بل فى المعجزة، وفيه بحث لأن تأثيره فيها يعلم من ذلك الامتناع فبعد تحققه لا توقف لدلالتها على تلك القاعدة أصلًا وأيضًا تخصيص الأمرين يوهم الانحصار مع توقف الدلالة على إثبات العلم والإرادة ليمكنه إيجاد المعجزة على وفق دعوى النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- تصديقًا له وفى بعض النسخ: والقدرة مكان الإرادة، والأول أظهر.

قوله: (ولا تقليد فى ذلك) العلم بالمسائل الأصولية يتوقف على العلم بما ذكر من القواعد الكلامية والتقليد لا يفيد علمًا بها لاختلاف عقائد الناس فيها وتناقضها

<<  <  ج: ص:  >  >>