للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أفاده وقلد واحد فى الحدوث وآخر فى القدم؛ كانا عالمين بها ويجتمعان فى الواقع فلا بد من الاستدلال عليها وذلك من وظيفة علم الكلام.

قوله: (وأما الأحكام) استمداد الأصول من الأحكام إنما هو من تصورها؛ وذلك لأن مقصود الأصولى إثبات الأحكام ونفيها فى الأصول من حيث إنها مدلولة للأدلة السمعية ومستفادة منها، فإذا قلنا: الأمر للوجوب مثلًا؛ كان معناه أنه دال عليه ومفيد له فقد وقع جزءًا من المحمول وكذا مقصوده إثباتها ونفيها فى الفقه من حيث تعلقها بالأفعال، فإذا قلنا: الوتر واجب مثلًا كان معناه أنه متعلق للوجوب وموصوف به فقد وقع أيضًا جزءًا من المحمول فمن قال: الأحكام محمولات مسائل الفقه، وأعراض ذاتية لموضوعه، فقد أطلق المحمول على مبدئه وتصور موضوعات المسائل ومحمولاتها وما يقع جزءًا فيها من المبادئ؛ لأن إثباتها يتوقف عليها، وإنما ذكر الفقه ههنا تنبيهًا على أن الأصول فى نفسه وفى ترتب فائدته عليه يستمد من تصور الأحكام، فهو بالاعتبار الأول مبدأ له وبالاعتبار الثانى مبدأ لغايته؛ لا لأن ما يقع فى محمولات ما هو فائدة العلم من مبادئه أيضًا على ما اختاره المصنف ليعترض بأن المنطق آلة لاكتساب العلوم، فوجب أن يكون تصور محمولات مسائلها من مبادئه، ويجاب بأن غاية المنطق هى العلم بطرق الاكتساب المستعملة فى العلوم من حيث تعلقها بمواد معينة بل على وجه عام، وأما الأصول فغايته العلم بطرق اكتساب الأحكام المتعلقة بالأفعال فلا بد من تصورها، فإن الجواب فاسد أما أوَّلًا؛ فلأن ما ذكره نفس المنطق لا غايته وإن أريد الطرق الجزئية العارضة للمواد المخصوصة ويدعى أن المستفاد منه معرفة الصور المعينة فقط إذ لا يبحث فيه عن المادة أصلًا، وإن كان مخالفًا للحق فلا يجد نفعًا؛ لأن الغرض من تلك المعرفة هى العلوم فيعود المحذور، وأيضًا ثانيًا فلأن الأصول لا تفيد علمًا بطرق اكتساب الأحكام بل هو مقدمات يتصرف فيها بقوانين الاكتساب فيتوصل إلى تلك الأحكام، ولو سلم فالغاية متأخرة عن العلم، فالحكم بأن مبادئها من حيث إنها كذلك مبدأ له يستلزم دعوى توقف المتقدم على ما يتوقف عليه المتأخر من حيث هو كذلك، وما ذكره المصنف من أن معرفة الفائدة من المبادئ لا يقتضي نسبة هذا الاختيار إليه، كما لا يخفى فإن قلت: ما وجه تخصيص ذكر التنبيه بالأصول دون المنطق، قلت: الاشتراك فى الاستمداد من

<<  <  ج: ص:  >  >>