قال:(مسألة: إذا أخبر واحد بحضرته -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم ينكره لم يدل على صدقه قطعًا، لنا أنه يحتمل أنه ما سمعه أو ما فهمه أو كان قد بينه أو رأى تأخيره أو ما علمه أو صغيرة).
أقول: إذا أخبر واحد عن شئ بحضرة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم ينكر عليه لم يدل على صدق المخبر دلالة قاطعة وإن كان الظاهر صدقه لنا أنه لا يتعين المسكوت للرضا به لصدقه بل يحتمل أنه ما سمعه أو ما فهمه أو كان قد بينه وعلم أنه لا يفيد إنكاره، أو ما علمه نفيًا أو إثباتًا لكونه دنيويًا، أو رأى تأخيره إلى وقت الحاجة إلى بيانه وبتقدير عدم الجميع فتركه للإنكار صغيرة وهى جائزة على الأنبياء وإن بعدت.
قال:(مسألة: إذا أخبر واحد بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه وعلم أنه لو كان كذبًا لعلموه ولا حامل على المسكوت فهو صادق قطعًا للعادة).
أقول: إذا أخبر واحد بشئ بحضور خلق كثير ولم يكذبوه فإن كان مما يحتمل أن لا يعلموه مثل خبر غريب لا يقف عليه إلا الأفراد لم يدل على صدقه أصلًا، وإن كان مما لو كان لعلموه فإن كان مما يجوز أن يكون لهم حامل على المسكوت من خوف أو غيره لم يدل أيضًا وإن علم أنه لا حامل لهم عليه فهو يدل على صدقه قطعًا لنا أن سكوتهم وعدم تكذيبهم مع علمهم بالكذب فى مثله ممتنع عادة ولا يقال: لعلهم ما علموا أو علمه بعضهم أو جميعهم وسكتوا لأنا نقول ذلك معلوم الانتفاء بالعادة.
قوله:(فتركه للإنكار صغيرة) يشير إلى أن فى نسخته: أو صغيرة بلفظ الاسم وعلى تقدير أن يكون صغره بلفظ الفعل فمعناه: عدّ ترك الإنكار صغيرة فارتكبها وقيل معناه: عد الكذب صغيرة فترك إنكاره.