قال:(مسألة: إذا انفرد واحد فيما يتوفر الدواعى على نقله وقد شاركه خلق كثير كما لو انفرد واحد بقتل خطيب على المنبر فى مدينة فهو كاذب قطعًا خلافًا للشيعة لنا العلم عادة ولذلك نقطع بكذب من ادعى أن القرآن عورض، قالوا الحوامل المقدرة كثيرة ولذلك لم ينقل النصارى كلام المسيح فى المهد ونقل انشقاق القمر وتسبيح الحصى وحنين الجذع وتسليم الغزالة وإفراد الإقامة وإفراد الحج، وترك البسملة آحادًا، وأجيب بأن كلام عيسى عليه السلام، إن كان فى حضرة خلق فقد نقل قطعًا، وكذلك غيره مما ذكر واستغنى عن الاستمرار بالقرآن الذى هو أشهرها، وأما الفروع فليس من ذلك، وإن سلم فإنما ينقل مثله ليعلم من لا يعلم وذلك فيما لا يكون مستمرًا مستغنًى عن نقله، وإن سلم فاستغنى لكونه مستمرًا، أو كان الأمران شائعين).
أقول: إذا انفرد الواحد بالخبر عن شئ تتوفر الدعوى على نقل مثله وشاركه فيما يدعيه سببًا للعلم خلق كثير كما إذا انفرد واحد بالإخبار عن قتل خطيب على المنبر يوم الجمعة بمشهد من أهل المدينة فهو كاذب قطعًا خلافًا للشيعة لنا أنا نجد من أنفسنا العلم بكذبه قطعًا ولولا أن هذا الأصل مركوز فى العقول لما قطعنا بكذب من ادعى أن القرآن قد عورض لكنه لم ينقل وأن بين مكة والمدينة مدينة أكبر منهما، قالوا: الحوامل المقدرة على كتمان الأخبار كثيرة لا يمكن ضبطها فكيف الجزم بعدمها، ومع جوازها لا يحصل الجزم ويدل عليه أمور، منها: أن النصارى لم ينقلوا كلام المسيح فى المهد، مع أنه مما تتوفر الدواعى على نقله، ومنها: أن معجزات الرسول كانشقاق القمر وتسبيح الحصى فى يده وحنين الجذع الذى كان يستند إليه حين استند إلى غيره وتسليم الغزالة عليه لم يتواتر بل نقل آحادًا، ومنها: أن كثيرًا من الأمور الكثيرة الوقوع مما تعم به البلوى وتمس الحاجة إليه لم يتواتر بل نقل آحادًا, ولذلك اختلف فيه كإفراد الإقامة وتثنيتها وإفراد الحج عن العمرة، وقرانه بها، وقراءة البسملة فى الصلاة، وتركها.
الجواب: أن انتفاء الحامل يعلم بالعادة كالحامل على أكل طعام واحد، وأما كلام عيسى فى المهد فإن كان بحضرة خلق كثير نقل قطعًا، فلو ثبت أنه لم ينقل فلقلة المشاهدين فليس مما نحن فيه، وأما المعجزات فكذلك أى لو كثر مشاهدوها لتواترت وإلا فغير محل النزاع مع أنا لا نسلم أنها مما تتوفر الدواعى على نقله فإنه إنما تنقل لتستمر بين الناس وقد استغنى عنها وعن استمرارها بالقرآن الباقى على وجه كل