للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (قالوا {وَلَا تَقْفُ} [الإسراء: ٣٦]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: ٢٨]، وقد تقدَّم ويلزمهم أن لا يمنعوه إلا بقاطع، قالوا توقف عليه الصلاة والسلام فى خبر ذى اليدين حتى أخبره أبو بكر وعمر قلنا غير ما نحن فيه وإن سلم فإنما توقف للريبة بالانفراد فإنه ظاهر فى الغلط ويجب التوقف فى مثله).

أقول: المانعون لوجوب العمل بخبر الواحد:

قالوا: أوّلًا: قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]، فنهى عن اتباع الظن، وقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: ٢٨]، فذم باتباع الظن والنهى والذم دليل الحرمة فإنه ينافى الوجوب ولا شك أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن.

الجواب: بعدما تقدَّم من أن المتبع هو الإجماع وأنه ظاهر فى أصل يلزمهم أن لا يمنعوا التعبدية إلا بدليل قاطع ولا قاطع لهم وما ذكروه لا عموم له فى الأشخاص ولا فى الأزمان وقابل التخصيص ولغيره.

قالوا: ثانيًا: توقف النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فى خبر ذى اليدين حين صلى الظهر ركعتين فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شئ من ذلك لم يكن"، حتى أخبره أبو بكر وعمر فدل أن خبر الواحد لا يعمل به.

الجواب: أنه ليس من صور محل النزاع لأن الكلام فى تعبد الأمة بخبر الواحد منقولًا عن الرسول وإن سلم فإنما توقف لأنه لا انفرد بالإخبار عنه بين جمع كثير فى أمر الغالب عدم مثله، وعدم الغفلة عنه إن كان كان ظاهرًا فى الغلط فظن كذبه فضلًا عن أن يكون مفيدًا للظن بصدقه والتوقف فى مثله وعدم العمل به واجب اتفاقًا.

قوله: (إلى وجوب العمل) يعنى لا نسلم انحصار فائدة الإظهار فى وجوب العمل لجواز أن يكون جواز العمل أو الانضمام إلى آخر وآخر حتى يصير متواترًا موجبًا للعمل.

قوله: (وأنه ظاهر) أى كل من الدليلين ليس بقطعى بل ظاهر استدل به فيما يكون من الأصول التى لا بد فى إثباتها عن قاطع.

قوله: (وقابل للتخصيص) فيما له عموم وهو القضايا والأحكام فيخص بما لا يطلب فيه العمل من الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>