(قال: أما الشرائط فمنها البلوغ لاحتمال كذبه لعلمه بعدم التكليف، وإجماع المدينة على قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض فى الدماء قبل تفرقهم مستثنى لكثرة الجناية بينهم منفردين والرواية بعده والسماع قبله مقبولة كالشهادة ولقبول ابن عباس وابن الزبير وغيرهم فى مثله ولا سماع للصبيان).
أقول: أما حكم خبر الواحد فما ذكرنا وأما شرائطه المعتبرة فى وجوب العمل به فأمور كلها فى الراوى الشرط الأول: البلوغ لأن الصبى وإن قارب البلوغ وأمكنه الضبط يحتمل أن يكذب لعلمه بأنه غير مكلف فلا يحرم عليه الكذب فلا إثم له فيه فلا مانع له من إقدامه عليه فلا يحصل ظن عدم الإقدام على الكذب فلا يحصل ظن صدقه وهو الموجب للعمل كالفاسق لا يقال: أجمع أهل المدينة على قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض فى الدماء قبل تفرقهم مع أنه احتيط فى الشهادة ما لم يحتط فى الرواية، لأنا نقول إنه مستثنى لمسيس الحاجة إليه لكثرة الجناية فيما بينهم إذا كانوا منفردين لا يحضرهم عدل فلو لم تعتبر شهادتهم لضاعت الحقوق التى توجبها تلك الجنايات والمشروع استثناء لا يرد نقضًا كالعرايا وشهادة خزيمة هذا إذا سمع وروى قبل البلوغ، أما الرواية بعد البلوغ لخبر والحال أنه قد سمعه قبل البلوغ فإنها مقبولة، أما أولًا فقياسًا على الشهادة، وأنها متفق عليها، فالرواية أولى بالقبول، وأما ثانيًا فبإجماع الصحابة على قبول رواية ابن عباس وابن الزبير وغيرهما فى مثله مما حملوه قبل البلوغ ورووه بعده، يدل عليه كتب الحديث، وأنهم لم يسألوا قط عن تحملهم أقبل البلوغ كان أم بعده؟ ولم يفرقوا بينهما قابلين روايتهم وإن احتمل الأمرين احتمالًا ظاهرًا، وأما ثالثًا فبإجماعهم على إحضار الصبيان مجالس الرواية وإسماعهم الحديث ولو لم يعتبر نقله لما أفاد ذلك، وقد يقال: إن ذلك للتبرك ولذلك يحضرون من لا يضبط.
قوله:(فى مثله) أى مثل ما نحن فيه من الأخبار التى حملوها وسمعوها قبل البلوغ ورووها بعده.